الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( أمر ) الهمزة والميم والراء أصول خمسة : الأمر من الأمور ، والأمر ضد النهي ، والأمر النماء والبركة بفتح الميم ، والمعلم ، والعجب .

                                                          فأما الواحد من الأمور فقولهم هذا أمر رضيته ، وأمر لا أرضاه . وفي المثل : " أمر ما أتى بك " . ومن ذلك في المثل : " لأمر ما يسود من يسود " . والأمر الذي هو نقيض النهي قولك افعل كذا . قال الأصمعي : يقال : لي عليك أمرة مطاعة ، أي : لي عليك أن آمرك مرة واحدة فتطيعني . قال الكسائي : فلان يؤامر نفسيه ، أي : نفس تأمره بشيء ونفس تأمره بآخر . وقال : إنه لأمور بالمعروف ونهي عن المنكر ، من قوم أمر . ومن هذا الباب الإمرة والإمارة ، وصاحبها أمير ومؤمر . قال ابن الأعرابي : أمرت فلانا ، أي : جعلته أميرا . وأمرته وآمرته كلهن بمعنى واحد . قال ابن الأعرابي : أمر فلان على قومه : إذا صار [ ص: 138 ] أميرا . ومن هذا الباب الإمر الذي لا يزال يستأمر الناس وينتهي إلى أمرهم . قال الأصمعي : الإمر الرجل الضعيف الرأي الأحمق الذي يسمع كلام هذا [ وكلام هذا ] فلا يدري بأي شيء يأخذ . قال :


                                                          ولست بذي رثية إمر إذا قيد مستكرها أصحبا

                                                          وتقول العرب : " إذا طلعت الشعرى سحرا ، ولم تر فيها مطرا ، فلا تلحقن فيها إمرة ولا إمرا " ، يقول : لا ترسل في إبلك رجلا لا عقل له .

                                                          وأما النماء فقال الخليل : الأمر النماء والبركة وامرأة أمرة ، أي : مباركة على زوجها . وقد أمر الشيء أي كثر . وتقول العرب : " من قل ذل ، ومن أمر فل " ، أي : من كثر غلب . وتقول : أمر بنو فلان أمرة ، أي : كثروا وولدت نعمهم . قال لبيد :


                                                          إن يغبطوا يهبطوا وإن أمروا     يوما يصيروا للهلك والنفد

                                                          قال الأصمعي : يقول العرب : " خير المال سكة مأبورة ، أو مهرة مأمورة " [ ص: 139 ] وهي الكثيرة الولد المباركة . ويقال : أمر الله ماله وآمره . ومنه " مهرة مأمورة " ومن الأول : أمرنا مترفيها . ومن قرأ ( أمرنا ) فتأويله ولينا .

                                                          وأما المعلم والموعد فقال الخليل : الأمارة الموعد . قال العجاج :


                                                          إلى أمار وأمار مدتي

                                                          قال الأصمعي : الأمارة العلامة ، تقول اجعل بيني وبينك أمارة وأمارا . قال :


                                                          إذا الشمس ذرت في البلاد فإنها     أمارة تسليمي عليك فسلمي

                                                          والأمار أمار الطريق : معالمه ، الواحدة أمارة . قال حميد بن ثور :


                                                          بسواء مجمعة كأن أمارة     فيها إذا برزت فنيق يخطر

                                                          والأمر واليأمور العلم أيضا ، يقال : جعلت بيني وبينه أمارا ووقتا وموعدا وأجلا ، كل ذلك أمار . وأما العجب فقول الله تعالى : لقد جئت شيئا إمرا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية