الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( أدم ) الهمزة والدال والميم أصل واحد ، وهو الموافقة والملاءمة ، وذلك قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم للمغيرة بن شعبة - وخطب المرأة - : لو نظرت إليها ، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما . قال الكسائي : يؤدم يعني [ ص: 72 ] أن يكون بينهما المحبة والاتفاق ، يقال : أدم يأدم أدما . وقال أبو الجراح العقيلي مثله . قال أبو عبيد : ولا أرى هذا إلا من أدم الطعام ، لأن صلاحه وطيبه إنما يكون بالإدام ، وكذلك يقال : طعام مأدوم . وقال ابن سيرين في طعام كفارة اليمين : " أكلة مأدومة حتى يصدوا " . قال : وحدثني بعض أهل العلم أن دريد بن الصمة أراد أن يطلق امرأته فقالت : " أبا فلان ، أتطلقني ، فوالله لقد أطعمتك مأدومي وأبثثتك مكتومي ، وأتيتك باهلا غير ذات صرار " . قال أبو عبيد : ويقال : آدم الله بينهما يؤدم إيداما فهو مؤدم بينهما . قال الشاعر :


                                                          والبيض لا يؤدمن إلا مؤدما

                                                          أي : لا يحببن إلا محببا موضعا لذلك . ومن هذا الباب قولهم جعلت فلانا أدمة أهلي ، أي : أسوتهم ، وهو صحيح لأنه إذا فعل ذلك فقد وفق بينهم . والأدمة الوسيلة إلى الشيء ، وذلك أن المخالف لا يتوسل به . فإن قال قائل : فعلى أي شيء تحمل الأدمة وهي باطن الجلد ؟ قيل له : الأدمة أحسن ملاءمة للحم من البشرة ، ولذلك سمي آدم عليه السلام; لأنه أخذ من أدمة الأرض .

                                                          ويقال : هي الطبقة الرابعة . والعرب تقول مؤدم مبشر ، أي : قد جمع لين الأدمة وخشونة البشرة . فأما اللون الآدم فلأنه الأغلب على بني آدم . وناس تقول : أديم الأرض وأدمتها وجهها .

                                                          [ ص: 73 ]

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية