الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( أرك ) الهمزة والراء والكاف أصلان عنهما يتفرع المسائل ، أحدهما شجر ، والآخر الإقامة . فالأول الأراك وهو شجر معروف .

                                                          حدثنا ابن السني عن ابن مسبح ، عن أبي حنيفة أحمد بن داود قال : الواحد من الأراك أراكة ، وبها سميت المرأة أراكة . قال : ويقال : ائترك الأراك : إذا استحكم . قال رؤبة :


                                                          من العضاه والأراك المؤترك

                                                          قال أبو عمرو : ويقال للإبل التي تأكل الأراك أراكية وأوارك . وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بعرفة بلبن إبل أوارك . وأرض أركة كثيرة الأراك . ويقال للإبل التي ترعى الأراك أركة أيضا ، كقولك حامض من الحمض . وقال أبو ذؤيب :

                                                          [ ص: 84 ]

                                                          تخير من لبن الآركا     ت بالصيف . . . . .

                                                          والأصل الثاني الإقامة . حدثني ابن السني عن ابن مسبح عن أبي حنيفة قال : جعل الكسائي الإبل الأراكية من الأروك وهو الإقامة . قال أبو حنيفة : وليس هذا مأخوذا من لفظ الأراك ، ولا دالا على أنها مقيمة في الأراك خاصة ، بل هذا لكل شيء ، حتى في مقام الرجل في بيته ، يقال منه أرك يأرك ويأرك أروكا . وقال كثير في وصف الظعن :


                                                          وفوق جمال الحي بيض كأنها     على الرقم أرآم الأثيل الأوارك

                                                          والدليل على صحة ما قاله أبو حنيفة تسميتهم السرير في الحجلة أريكة ، والجمع أرائك . فإن قال قائل : فإن أبا عبيد زعم أنه يقال للجرح إذا صلح وتماثل أرك يأرك أروكا; قيل له : هذا من الثاني ، لأنه إذا اندمل سكن بغيه وارتفاعه عن جلدة الجريح .

                                                          ومن هذا الباب اشتقاق اسم أريك ، وهو موضع . قال شاعر :


                                                          فمرت على كشب غدوة     وحاذت بجنب أريك أصيلا

                                                          [ ص: 85 ] وأما ( الهمزة والراء واللام )

                                                          فليس بأصل ولا فرع ، على أنهم قالوا : أرل جبل ، وإنما هو بالكاف .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية