الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( بهر ) الباء والهاء والراء أصلان : أحدهما الغلبة والعلو ، والآخر وسط شيء .

                                                          فأما الأول [ فقال ] أهل اللغة : البهر الغلبة . يقال ضوء باهر . ومن ذلك قولهم في الشتم : بهرا ، أي غلبة . قال :


                                                          وجدا لقومي إذ يبيعون مهجتي بجارية بهرا لهم بعدها بهرا

                                                          يدعو عليهم . وقال ابن أبي ربيعة :


                                                          ثم قالوا تحبها قلت بهرا     عدد الرمل والحصى والتراب

                                                          فقال قوم : معناها بهرا لكم . وقال آخرون : معناها حبا قد غلب وبهر . وقال آخرون : معناه قلت ذلك معلنا غير كاتم له . قال : ومنه ابتهر فلان بفلانة أي شهر بها . ويقال ابتهر بالشيء شهر به وغلب عليه . ومنه القمر الباهر ، أي الظاهر . والعرب تقول : " الأزواج ثلاثة : زوج بهر ، وزوج دهر ، وزوج مهر " .

                                                          [ ص: 309 ] البهر يقال للذي يبهر العيون بحسنه ، ومنه من يجعل عدة للدهر ونوائبه ، ومنهم من ليس فيه إلا أن يؤخذ منه المهر .

                                                          وإلى هذا الباب يرجع قولهم : ابتهر فلان بفلانة . وقد يكون ما يدعى من ذلك كذبا . قال تميم :


                                                          . . . حين تختلف العوالي     وما بي إن مدحتهم ابتهار

                                                          أي لا يغلب في ذلك دعوة كذب . وقال الكميت :


                                                          قبيح بمثلي نعت الفتا     ة إما ابتهارا وإما ابتيارا

                                                          و [ أما ] الأصل الآخر فقولهم لوسط الوادي ووسط كل شيء بهرة . ويقال ابهار الليل ، إذا انتصف . ومنه الحديث : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سار ليلة حتى ابهار الليل . والأباهر في ريش الطائر . ومن بعض ذلك اشتقاق اسم بهراء .

                                                          فأما البهار الذي يوزن به فليس أصله عندي بدويا .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية