الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( أول ) الهمزة والواو واللام أصلان : ابتداء الأمر وانتهاؤه . أما الأول فالأول ، وهو مبتدأ الشيء ، والمؤنثة الأولى ، مثل أفعل وفعلى ، وجمع الأولى أوليات مثل الأخرى . فأما الأوائل فمنهم من يقول : تأسيس بناء " أول " من همزة وواو ولام ، وهو القول . ومنهم من يقول : تأسيسه من واوين بعدهما لام . وقد قالت العرب للمؤنثة أولة . وجمعوها أولات وأنشد في صفة جمل :


                                                          آدم معروف بأولاته خال أبيه لبني بناته

                                                          أي : خيلاء أبيه ظاهر في أولاده . أبو زيد : ناقة أولة وجمل أول : إذا تقدما الإبل . والقياس في جمعه أواول ، إلا أن كل واو وقعت طرفا أو قريبة منه بعد ألف ساكنة قلبت همزة . الخليل : رأيته عاما أول يا فتى ، لأن أول على بناء أفعل ، ومن نون حمله على النكرة . قال أبو النجم :


                                                          ما ذاق ثفلا منذ عام أول

                                                          ابن الأعرابي : خذ هذا أول ذات يدين ، وأول ذي أول ، وأول أول ، أي : قبل كل شيء . ويقولون : " أما أول ذات يدين فإني أحمد الله " . والصلاة [ ص: 159 ] الأولى سميت بذلك لأنها أول ما صلي . قال أبو زيد : كان الجاهلية يسمون يوم الأحد الأول . وأنشدوا فيه :


                                                          أؤمل أن أعيش وأن يومي     بأول أو بأهون أو جبار

                                                          والأصل الثاني قال الخليل : الأيل الذكر من الوعول ، والجمع أيائل . وإنما سمي أيلا لأنه يؤول إلى الجبل يتحصن . قال أبو النجم :


                                                          كأن في أذنابهن الشول     من عبس الصيف قرون الأيل

                                                          شبه ما التزق بأذنابهن من أبعارهن فيبس ، بقرون الأوعال . وقولهم آل اللبن ، أي : خثر من هذا الباب ، وذلك لأنه لا يخثر [ إلا ] آخر أمره . قال الخليل أو غيره : الإيال على فعال : وعاء يجمع فيه الشراب أياما حتى يجود . قال :


                                                          يفض الختام وقد أزمنت     وأحدث بعد إيال إيالا

                                                          وآل يؤول ، أي : رجع . قال يعقوب : يقال : " أول الحكم إلى أهله " ، أي : أرجعه ورده إليهم . قال الأعشى :


                                                          أؤول الحكم إلى أهله

                                                          [ ص: 160 ] قال الخليل : آل اللبن يؤول أولا وأوولا : خثر . وكذلك النبات . قال أبو زيد : آل اللبن على الإصبع ، وذلك أن يروب فإذا جعلت فيه الإصبع قيل آل عليها . وآل القطران : إذا خثر . وآل جسم الرجل : إذا نحف . وهو من الباب ، لأنه يحور ويحري ، أي : يرجع إلى تلك الحال . والإيالة السياسة من هذا الباب ، لأن مرجع الرعية إلى راعيها . قال الأصمعي : آل الرجل رعيته يؤولها : إذا أحسن سياستها . قال الراجز :


                                                          يؤولها أول ذي سياس

                                                          وتقول العرب في أمثالها : " ألنا وإيل علينا " أي سسنا وساسنا غيرنا . وقالوا في قول لبيد :


                                                          بمؤتر تأتاله إبهامها

                                                          هو تفتعل من ألته أي أصلحته . ورجل آيل مال ، مثال خائل مال ، أي : سائسه . قال الأصمعي : يقال : رددته إلى آيلته ، أي : طبعه وسوسه . وآل الرجل أهل بيته من هذا أيضا لأنه إليه مآلهم وإليهم مآله . وهذا معنى قولهم يال فلان . وقال طرفة :


                                                          تحسب الطرف عليها نجدة     يال قومي للشباب المسبكر

                                                          [ ص: 161 ] والدليل على أن ذلك من الأول وهو مخفف منه ، قول شاعر :


                                                          قد كان حقك أن تقول لبارق     يا آل يارق فيم سب جرير

                                                          وآل الرجل شخصه من هذا أيضا . وكذلك آل كل شيء . وذلك أنهم يعبرون عنه بآله ، وهم عشيرته ، يقولون آل أبي بكر ، وهم يريدون أبا بكر . وفي هذا غموض قليل . قال الخليل : آل الجبل أطرافه ونواحيه . قال :


                                                          كأن رعن الآل منه في الآل     إذا بدا دهانج ذو أعدال

                                                          وآل البعير : ألواحه وما أشرف من أقطار جسمه . قال :


                                                          من اللواتي إذا لانت عريكتها     يبقى لها بعدها آل ومجلود

                                                          وقال آخر :


                                                          ترى له آلا وجسما شرجعا

                                                          وآل الخيمة : العمد . قال :


                                                          فلم يبق إلا آل خيم منضد     وسفع على آس ونؤي معثلب

                                                          والآلة : الحالة . قال : [ ص: 162 ]

                                                          سأحمل نفسي على آلة     فإما عليها وإما لها

                                                          ومن هذا الباب تأويل الكلام ، وهو عاقبته وما يؤول إليه ، وذلك قوله تعالى : هل ينظرون إلا تأويله . يقول : ما يؤول إليه في وقت بعثهم ونشورهم . وقال الأعشى :


                                                          على أنها كانت تأول حبها     تأول ربعي السقاب فأصحبا

                                                          يريد مرجعه وعاقبته . وذلك من آل يؤول .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية