الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وإن اختلفا ) أي الغاصب والمالك ( في قيمة المغصوب ) بأن قال الغاصب : قيمته عشرة وقال المالك : اثنا عشر فقول الغاصب ; لأنه غارم ( أو ) اختلفا ( في زيادة قيمته : هل زادت قبل تلفه أو بعده ؟ أو ) اختلفا ( في قدره ) أي المغصوب ( أو ) اختلفا ( في صناعة فيه ولا بينة ) لأحدهما ( فالقول قول الغاصب ) بيمينه ; لأنه منكر لما يدعيه المالك عليه من الزيادة وإن كان لأحدهما بينة عمل بها .

                                                                                                                      ( وإن اختلفا في رده ) فقال الغاصب : رددته وأنكره المالك فقول المالك ; لأن الأصل معه ( أو ) اختلفا في عيب ( فيه بعد تلفه ) بأن قال الغاصب :

                                                                                                                      كان العبد أعمى مثلا وأنكره المالك ( فقول المالك ) بيمينه ; لأن الأصل السلامة ( لكن لو شاهدت البينة العبد معيبا عند الغاصب فقال المالك حدث ) العيب ( عند الغاصب وقال الغاصب : بل كان ) العيب ( فيه قبل غصبه فقول الغاصب ) بيمينه ; لأنه غارم والظاهر أن صفة العبد لم تتغير .

                                                                                                                      ( وإن بقيت في يده غصوب لا يعرف أربابها فسلمها إلى الحاكم ويلزمه ) أي الحاكم ( قبولها برئ من عهدتها ) ; لأن قبض الحاكم لها قائم مقام قبض أربابها لها لقيامه مقامهم ( وله ) أي الذي بيده المغصوب ( الصدقة بها عنهم ) أي أربابها ; لأن المال يراد لمصلحة المعاش أو المعاد ومصلحة المعاد أولى المصلحتين .

                                                                                                                      وقد تعينت ههنا لتعذر الأخرى ( بشرط ضمانها ) لأربابها إذا عرفهم ; لأن الصدقة بدون الضمان إضاعة لمال المالك لا على وجه بدل وهو غير جائز نقل المروزي على فقراء مكانه أي مكان الغاصب إن عرفه ; لأنه أقرب إلى وصول المال إليه إن كان موجودا أو إلى ورثته ويراعى الفقراء ; لأنها صدقة ونقل صالح أو بالقيمة وله شراء عرض بنقد ولا يجوز في ذلك محاباة قريب أو غيره نصا ( كلقطة ) حرم التقاطها أو لم يعرفها فيتصدق بها عن ربها بشرط الضمان أو يدفعها للحاكم .

                                                                                                                      وإذا أنفقت كانت لمن يأخذ بالحق مباحة كما أنها من يأكلها بالباطل محرمة وبكل حال ترك الأخذ أجود من القبول ، وإذا صح الأخذ كان أفضل أعني الأخذ والصرف إلى الناس المحتاجين إلا إذا كان من المفاسد فهناك الترك أولى ومن الصدقة بما ذكر : وقفه أو شراء عين به يقفها كما ذكره الشيخ تقي الدين نصا ( ويسقط عنه ) أي الغاصب ( إثم الغصب ) [ ص: 115 ] بدفعها للحاكم أو الصدقة بها عن ربها بشرط ضمانها ; لأنه معذور عن الرد للمالك لجهله به .

                                                                                                                      وإذا تصدق بها فالثواب لأربابها ( وكذا رهون وودائع وسائر الأمانات والأموال المحرمة ) كالسرقة والنهب إذا جهل ربها دفعها للحاكم أو تصدق بها عن ربها بشرط ضمانها له ; لأن في الصدقة بها عنهم جمعا بين مصلحة القابض بتبرئة ذمته ومصلحة المالك بتحصيل الثواب له قال ابن رجب في القواعد : وعلى هذا الأصل يتخرج جواز أخذ الفقراء من الصدقة من يد من ماله حرام كقطاع طريق وأفتى القاضي بجوازه .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية