الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وإذا أوصى إلى واحد ، و ) أوصي ( بعده إلى آخر ، فهما وصيان ) ولم يكن عزلا للأول لأن اللفظ لا يدل عليه مطابقة ولا تضمنا ، ولا يستلزمه فإن الجمع ممكن ( كما لو أوصى إليهما جميعا في حالة واحدة إلا أن يقول قد أخرجت الأول ) فإن قاله أو نحوه مما يدل عليه ، انعزل لحصول العزل ممن يملكه .

                                                                                                                      ( وليس لأحدهما ) أي : الوصيين ( الانفراد بالتصرف ) لأن الموصي لم يرض إلا بتصرفهما ، وانفراد أحدهما يخالف ذلك ( إلا أن يجعله ) أي : التصرف ( الموصي لكل منهما ) فلكل منهما الانفراد حينئذ ، لرضا الموصي بذلك ( أو يجعله ) أي : التصرف ( لأحدهما ) واليد للآخر ( فيصح تصرفه منفردا ) عملا بالوصية .

                                                                                                                      ( وإذا تصرفا ) أي : أرادا التصرف ( فالظاهر أن المراد ) باجتماعهما ليس معناه تلفظهما بصيغ العقود [ ص: 396 ] معا بل ( صدوره ) أي : التصرف ( عن رأيهما ) واجتهادهما ( ثم لا فرق بين أن يباشر أحدهما ) التصرف وحده ( أو ) يباشره ( الغير بإذنهما ولا يشترط توكيلهما ) أي : أن يوكل أحدهما الآخر ، وإن اختلفا في شيء وقف الأمر ، حتى يتفقا .

                                                                                                                      ( وإن مات أحدهما أو جن ، أو غاب ، أو وجد منه ما يوجب عزله ) كسفه وعزله نفسه ( ولم يكن الموصي جعل لكل منهما الانفراد بالتصرف أقام الحاكم مقامه ) أي : الميت أو المجنون ونحوه ( أمينا ) ليتصرف مع الآخر ( وإن أراد الحاكم أن يكتفي بالباقي منهما ، لم يجز له ) الاكتفاء به ، لأن الموصي لم يكتف بأحدهما ، فلا يقتصر عليه إذ الوصية تقطع نظر الحاكم واجتهاده .

                                                                                                                      ( فإن جعل الموصي لكل منهما الانفراد بالتصرف ، أو جعله ) أي : التصرف ( لأحدهما صح تصرفه منفردا ) وتقدم ( فإن مات أحدهما والحالة هذه ) لم يكن للحاكم أن يقيم مقامه ( أو خرج ) أحدهما ( عن أهلية التصرف ) والحالة هذه ( لم يكن للحاكم أن يقيم مقامه ، واكتفى بالباقي ) منهما لرضا الموصي به ( إلا أن يعجز ) الباقي ( عن التصرف وحده ) فيضم الحاكم إليه أمينا يعاونه ( ولو حدث ) لأحدهما ( عجز لضعف أو كثرة عمل ونحوه ولم يكن لكل واحد منهما التصرف منفردا ، ضم أمين ) أي : ضم الحاكم أمينا لمن عجز يعاونه والوصي هو الأول كما تقدم .

                                                                                                                      ( وإذا اختلف الوصيان ) وليسا مستقلين ( عند من يجعل المال منهما ) بأن طلب كل أن يكون المال تحت يده أو تحت يد الآخر ( لم يجعل عند واحد منهما ) لعدم رضا الموصي بذلك .

                                                                                                                      ( ولم يقسم ) المال ( بينهما ) لأن من لوازم الشركة في التصرف الشركة في الحفظ لأنه مما وصي به فلا يستقل ببعض الحفظ ، كما لا يستقل ببعض التصرف .

                                                                                                                      ( وجعل ) المال ( في مكان تحت أيديهما ) لكل واحد منهما عليه نحو قفل فإن تعذر ذلك ختما عليه ودفع إلى أمين القاضي ، وإن كانا مستقلين احتمل ذلك واحتمل القسمة ذكره الحارثي .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية