الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 127 - 128 ] وعلى مريض حكم الطب بكثرة الموت به : كسل ، وقولنج [ ص: 129 ] وحمى قوية ، وحامل ستة ، ومحبوس لقتل أو لقطع ، إن خيف الموت

التالي السابق


( و ) حجر ( على ) شخص ( مريض ) أو من تنزل منزلته بدليل تمثيله لهما ( حكم الطب ) أي فنه أو أهله ( بكثرة الموت به ) أي لا يتعجب منه لاعتياده ولو لم يغلب عند الأكثر خلافا للمازري ، ولا يلزم من الكثرة الغلبة فيقال في الشيء كثير إذا ساوى وجوده عدمه والغلبة زيادة الوجود على العدم . ابن الحاجب : والمخوف ما يحكم الطب أن الموت به كثير . خليل مراده بالكثير ما يشتهر الموت عنه فلا يتعجب من حصوله منه لا لكونه الغالب من حال المرض كما هو ظاهر كلام المازري .

ومثل للمرض الذي حكم الطب بكثرة الموت به فقال ( كسل ) بكسر السين المهملة وشد اللام مرض ينحل به البدن ، فكأن الروح تنسل معه قليلا قليلا كما تنسل العافية ( وقولنج ) بضم القاف وفتحها أو فتح اللام وكسرها مرض معوي يعسر معه خروج الثقل ، والريح قاله في القاموس . قوله : معوي بكسر الميم والواو وفتح نسبة للمعى لحلوله فيها أو يقال فيه : قولون وليس بعربي ، وفي نزهة داود القولنج ريح غليظ يحتبس في المعى ومثله ذات الجنب وإسهال دم . [ ص: 129 ]

( وحمى ) بضم الحاء المهملة وشد الميم ( قوية ) أي مجاوزة العادة في الحرارة وإزعاج البدن مع المداومة فتأتي يوما بعد يوم لا تخاف ، وأول حمى نزلت بالأرض حمى الأسد بسفينة سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام أخاف من فيها فسلطت عليه فشغلته .

( و ) مرأة ( حامل ) جنين بتمام ( ستة ) من الأشهر ودخلت في السابع ولو بيوم ، ويكفي فيه إخبارها فلا يسأل النساء ، وبهذا فسر عياض المذهب ، ونقل المتيطي بدخولها في السادس . ابن عبد السلام وهو ظاهر قول ابن الحاجب ، والحامل تبلغ ستة ، وكلام المصنف يحتملهما أفاده تت ، وقصره عب على الأول قائلا أي الحامل المنسوبة لستة أشهر وهي لا تنسب لها إلا إذا أتت على جميعها . ابن عرفة وعزا ابن الحاجب في المخوف بلوغ حمل المرأة ستة أشهر . المتيطي الحامل كالصحيحة حتى تدخل ستة أشهر ، وقيل تدخل في السابع . وقال ابن شهاب حتى يأخذها الطلق وبه أخذ الداودي . وقال ابن المسيب هي بمنزلة المريض من أول حملها ثم قال : ودخولها في السابع هو الذي فسر به عياض المذهب ، ثم قال : وهو الصواب لأنه نص الموطإ فانظره .

( و ) يحجر على ( محبوس لقتل ) ثبت عليه موجبه بإقراره به أو ببينة عادلة ولا يحجر على محبوس بتهمة حتى يتحقق أمره ( أو ) محبوس ( لقطع ) من خلاف لثبوت حرابته فيحجر عليه ( إن خيف ) عليه ( الموت ) بسبب القطع تت ظاهره عطف " لقطع " [ ص: 130 ] على لقتل فيفيد الحجر على من حبس للقطع إن خيف موته به ، ويحتمل تعلق " لقطع إن " بمحذوف عطف على " محبوس " أي أو مقرب لقطع كما في المدونة ، ولا يلزم من الحجر على المقرب له الحجر على من حبس له لأن الخوف على المقرب أشد ، ومفهومه عدم الحجر على من لم يخف موته به . عب : أو مقرب لقطع لا محبوس له إن خيف على المقرب للقطع الموت ، ونحوه للخرشي .




الخدمات العلمية