الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 309 ] وبقسمته ، إن طلبت [ ص: 310 ] لا بطوله عرضا

التالي السابق


( و ) إذا كان حائط مشتركا وطلب أحد الشركاء قسمته قضي ( بقسمته ) أي الحائط ( إن طلبت ) بضم فكسر قسمته ، وهذا مذهب ابن القاسم بشرط عدم الضرر قيل له إن كان لكل جذوع عليه ، قال إن كان جذوع هذا من هنا وهذا من هنا فلا تستطاع قسمته ويتقاويانه كما لا ينقسم من العرض والحيوان والعقار ، وصفة قسمه عند ابن القاسم أن [ ص: 310 ] يقسم ( طولا ) أي باعتبار امتداده من جهة المشرق لجهة المغرب أو جهة الجنوب إلى جهة الشمال لا باعتبار ارتفاعه من الأرض إلى جهة السماء ، فإذا كان طوله عشرين ذراعا وعرضه ذراع أخذ كل واحد عشرة بعرضها بالقرعة . و ( لا ) يصح قسمة ( بطوله ) أي امتداد الحائط من جهة المشرق إلى جهة المغرب ومن جهة الشمال إلى جهة الجنوب ( عرضا ) أي باعتبار عرضه بأن يصير نصف عرضه من أوله لآخره لأحدهما ونصف الآخر للآخر بالقرعة لاحتمال إخراجها قسم كل منهما في جهة لآخر ، فيتعذر الانتفاع بما تخرجه له القرعة " غ " أي ولا بقسمة طوله عرضا ، فإذا كان الجدار جاريا من المشرق إلى المغرب مثلا على صورة سور له شرفات وممشى ، فلا يقضى عليهما بقسمه على أن يأخذ أحدهما جهة الشرافات والآخر جهة الممشى ، ولكن يقسم على أخذ أحدهما الجهة الشرقية بشرفاتها وممشاها والآخر الجهة الغربية كذلك ، فلفظ عرضا على هذا متعلق بالمضاف المقدر أي قسمة ويجوز تعلقه بلفظ قسمة الظاهر .

وفي نسخة بقسمته إن طلبت عرضا لا بطوله ويرجع في المعنى للأول وهو يحرم على إثبات الصفة التي قالهااللخمي وابن الهندي ، وحكاها ابن العطار عن ابن القاسم ونفي الصفة التي تأولها أبو إبراهيم الفاسي على المدونة ، وحكاها ابن العطار عن عيسى بن دينار ويتم هذا بالوقوف على نصوصهم وذلك أنه قال في المدونة ويقسم الجدار إن لم يكن فيه ضرر . أبو الحسن يعني بالقرعة . وأما بالتراضي فيجوز وإن كان فيه ضرر ويأتي الاعتراض الذي في قسم الساحة بعد قسم البيوت لأنه قد يقع لكل منهما الجهة التي تلي الآخر إلا أن يقتسما على أن من صار له جهة الآخر يكون للآخر عليه الحمل . وقال اللخمي صفة القسم فيه إذا كان جاريا من المشرق إلى المغرب أن يأخذ أحدهما مما يلي القبلة والآخر مما يلي الجوف لأن هذا ليس بقسمة لأن كل ما يضعه عليه أحدهما من خشب وبناء فثقله ومضرته على جميع الحائط ، ولا يختص النول والضرر بما يليه إلا أن يريد أن يقسما الأعلى مثل كون عرضه شبرين فيبني كل واحد على أعلاه يسيرا مما يليه لنفسه ، ويكون [ ص: 311 ] هذا انضماما للأعلى وجملة الحائط على الشركة الأولى ، فإذا انهدم اقتسما أرضه وأخذ كل واحد نصفه مما يليه .

ابن عرفة وصفة قسمه عند اللخمي أن يقسم طولا لا عرضا . وقال أبو إبراهيم ظاهر المدونة قسمته عرضا لقوله وكان ينقسم ، قال وأما طولا فينقسم وإن قل ، وقال ابن الهندي سنة قسم الحائط أن يقسم بخيط من أعلاه إلى أسفله فيقع جميع الشطر لواحد ، وجميع الشطر الآخر لواحد آخر إلا أن يتفقا على قسمة عرضه على طوله . وقال ابن العطار وعيسى بن دينار يقسم بينهما عرضا بأن يأخذ كل واحد منهما نصفه مما يليه ، فإن كان عرضه شبرين أخذ هذا شبرا مما يلي داره ، وهذا شبرا مما يلي داره ولا تصلح القرعة في مثل هذه القسمة .

ابن العطار وابن فتوح والمتيطي عن ابن القاسم يمد الحبل بينهما فيه طولا ارتفاعا من أوله إلى آخره ، ويرسم موقف نصف الحبل ، ويقرع بينهما ، ويكون لكل واحد منهما الجانب الذي تقع عليه قرعته . زاد ابن فتوح إلى ناحية بعينها ولا تصح قسمة القرعة فيه إلا هكذا . ا هـ . وإذا طوي الحبل المذكور حقق نصفه . وإذا عرفت أن الطول والعرض يعقلان نسبة وإضافة أمكنك الجمع بين عبارة المصنف ابن عرفة وغيرهما ، وظهر لك أن قول اللخمي وابن الهندي راجع لما حكاه ابن العطار عن ابن القاسم وهو الذي أثبته المصنف ، وأن تأويل أبي إبراهيم على المدونة راجع لما حكاه ابن العطار عن عيسى وهو الذي نفاه المصنف .

( تكميل )

في المدونة إن كان لكل واحد عليه جذوع فلا يقسم ويتقاوياه . اللخمي ليس هذا بالبين لأن الحمل الذي عليه لا يمنع القسم كما لا يمنع قسم العلو والسفل وحمل العلو على السفل وأرى أن يقسم طائفتين على أن من صارت له طائفة كانت له وللآخر الحمل عليها ، فإذا جازت المقاواة على هذه الصفة جازت القسمة بالأولى . ابن عرفة ظاهر قول ابن القاسم يتقاوياه كما لا ينقسم من عرض وحيوان أنه لا حمل فيه على من صار له . ا هـ . [ ص: 312 ] كلام " غ " . الحط ما ذكره " غ " في شرح هذه المسألة كاف في بيانها .




الخدمات العلمية