الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 139 ] وعن ذهب بورق ، وعكسيه ، إن حلا ، وعجل كمائة دينار ودرهم عن مائتيهما

التالي السابق


. ( و ) جاز الصلح ( عن ذهب ) في الذمة حال ( بورق ) بكسر الراء أي فضة حالة معجلة ( أو عكسه ) أي الصلح عن ورق في الذمة حال بذهب حال معجل ( إن حلا ) بفتح الحاء المهملة واللام مشددة ، أي المصالح عنه والمصالح به وهو صرف ما في الذمة ، وشرطه الحلول ( وعجل ) بضم فكسر مثقلا المصالح به بالفعل ، إذ لو أخر لكان صرفا مؤخرا وهو ممنوع ، فإن أجلا معا أو أحدهما منع لأنه حينئذ صرف مؤخر ، ومثل للصلح الجائز فقال ( ك ) صلح ب ( مائة دينار ودرهم ) واحد حالة معجلة بالفعل ( عن مائتيهما ) أي الدينار والدرهم مثنى مائة سقطت نونه لإضافته ، والمائتان حالتان . في المدونة ومن لك عليه مائة دينار ومائة درهم حالتان فصالحته عن ذلك على مائة دينار ودرهم جاز لأنك أخذت الدنانير قضاء عن دنانيرك وأخذت درهما من دراهمك وهضمت باقيها ، بخلاف التبادل بها نقدا . ( تنبيه )

ذكر هذه الصورة وإن دخلت في التي قبلها لخفائها ، وذكرها مع الاستغناء عنها بقوله وعلى بعضه هبة للنص على كل فرع بانفراده قال تت .

( تنبيهات ) الأول : طفي إن حلا وعجل تبع ابن الحاجب في تثنية ضمير حلا وإفراد ضمير عجل [ ص: 140 ] مع أن الاعتبار الذي دعاهما لتثنية الأول يجري في الثاني قاله ابن عاشر البناني أما تعجيل المصالح به فطاهر ، وأما تعجيل المصالح عنه فيظهر أنه تحصيل الحاصل إلا أن يصور بأخذ العوض من المدعي لرفع نزاع المدعى عليه الحائز للمصالح عنه ، فحينئذ يظهر شرط تعجيله والله أعلم .

الثاني : طفي قول تت يشترط الحلول والتعجيل ، أما الحلول فنعم وهو نص المدونة لئلا يؤدي إلى ضع وتعجل ، وأما التعجيل فلا يشترط كما صرح به أبو الحسن وغيره لأنه ليس ببيع ، وإنما هو قضاء وحطيطة فلا تهمة في التأخير . أبو الحسن عن ابن يونس وسواء أخذ منه الدرهم نقدا أو أخره به أو أخذ منه المائة دينار نقدا أو أخره بها لأنه لا مبايعة هنا ، وإنما هو قضاء وحطيطة فلا تهمة في ذلك ولو كانت المائة دينار أو المائة درهم لم تحل فلا يجوز لأنه ضع وتعجل عب قول تت فيشترط الحلول ، والتعجيل خلاف ما لابن يونس من أنه لا يشترط التعجيل إن كان على إقرار ، فكلام المصنف ظاهر حيث صالح بمعجل مطلقا أو بمؤجل ، والصلح على إقرار ، فإن كان على إنكار امتنع لأنه لا يجوز على ظاهر الحكم ، فلو صالح عن مائتيهما بمائة دينار ودينار ، فإن كان نقدا جاز لأن المائة قضاء عن المائة والدينار صرف للمائة درهم ، وإن كان مؤجلا امتنع لأنه صرف مؤخر .

الثالث : طفي قول تت وإن دخلت في التي قبلها إلخ ، دخولها باعتبار تقريرهم اشتراط الحلول والتعجيل ، وقد علمت فساده .

الرابع : عب قوله ودرهم عطف على مائة ولا يتوهم عطفه على دينار ومع قوله عن مائتيهما ، ولكون التمثل للصلح على البعض ، وتبرك بلفظ المدونة وإن كان الأوضح كدرهم ومائة دينار عن مائتيهما




الخدمات العلمية