الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 178 ] باب ) شرط الحوالة : رضا المحيل والمحال [ ص: 179 ] فقط ;

[ ص: 178 ]

التالي السابق


[ ص: 178 ] باب ) ( في بيان شروط الحوالة وما يتعلق بها ) ( شرط ) صحة ( الحوالة ) عياض وغيره مأخوذة من التحول من شيء إلى شيء ، لأن الطالب تحول من طلب غريمه إلى طلب غريم غريمه . ابن عرفة الحوالة طرح الدين عن ذمة بمثله في أخرى ولا ترد المقاصة إذ ليست طرحا بمثله في أخرى لامتناع تعلق الدين بذمة من هو له ا هـ . الحط ولا يشمل حوالة من تصدق بشيء أو وهبه وأحال به على من له عليه مثله إذ لا يطلق لفظ الدين على الهبة والصدقة عرفا ، وهي حوالة كما نقله في التوضيح في شرح قول ابن الحاجب ، فلو أحال البائع على المشتري . طفي الطرح مفرع على الحوالة لا نفسها وقد جعله في الجواهر من أحكامها فقال أما حكمها فبراءة المحيل من دين المحال وتحويل الحق إلى المحال عليه ، وبراءة ذمة المحال عليه من دين المحيل . ا هـ . وإلى هذا أشار المصنف بقوله الآتي ويتحول إلخ ا هـ .

البناني الطرح في كلام ابن عرفة فعل الفاعل ، أي طرح المحال عن ذمة المحيل فهو مضاف لمفعوله وليس هو البراءة في كلام الجواهر ، بل هي مفرعة عنه ثم قال عياض الأكثر أنها رخصة مستثناة من بيع الدين بالدين والعين بالعين غير يد بيد لأنها معروف الباجي ليست من الدين بالدين لبراءة ذمة المحيل بنفس الإحالة ، فهي من باب النقد . عياض في حمل الحوالة على الندب أو الإباحة قولا الأكثر ، وبعضهم الباجي هي على الإباحة .

( رضا ) الشخص ( المحيل و ) رضا الشخص ( المحال ) ابن عرفة صرح ابن الحاجب وابن شاس أنهما من شروطها ، ولم يعدها اللخمي وابن رشد منها وهو أحسن والأظهر أنهما جزآن كلما وجدا وجدت ا هـ . الحط والظاهر أنهما شرطان كما قال المصنف لا جزآن ، [ ص: 179 ] كما قال ابن عرفة لعدم توقف تعلقها عليهما ووجودها عليهما ، ولذلك اختلف العلماء في اشتراط رضا المحال ، وإنما أركانها المحيل والمحال عليه والمحال به وقول ابن عرفة كلما وجد أو وجدت ممنوع فقد يوجدان ولا توجد إذا فقد شرط من شروطها .

وقال في المدونة إذا أحالك على من ليس له قبله دين فليست حوالة وهي حمالة ا هـ .

وقال ابن ناجي في شرح الرسالة نص شيخنا أبو مهدي على أن حدها يدل على أنهما شرطان لا جزآن إذا لم يذكر في الحد . طفي ابن راشد اشترطوا رضا المحيل والمحال لأنها بيع في الحقيقة ، وهو لا يصح إلا برضا البائع والمشتري ، ولذا قال عياض هي عند أكثر شيوخنا مبايعة وقد علمت ما في حد ابن عرفة ، وحيث كانت مبايعة فالرضا شرط فيها كما فيه . وقول ابن عرفة كلما وجدا وجدت غير مسلم كتخلف الصيغة كالبيع قد يوجد الرضا ، وتتخلف صيغته وإنما أركانها المحيل والمحال به والمحال عليه كالبيع ركنه العاقدان والمعقود عليهما والصيغة ، وقد تقرر أن الركن لا تتعقل الماهية بدونه والحوالة لا يتوقف تعقلها على الرضا .

وأما رد " ح " على ابن عرفة بقوله قد يوجدان ولا توجد لفقد شرط من شروطها فغير وارد ، إذ شأن الماهية بطلانها عند تخلف شرطها وإن اجتمعت أجزاؤها ومرادهم بوجودها عند وجود أجزائها وجودها بقطع النظر عن تخلف الشرط ( فقط ) أي لا رضا المحال عليه فليس شرطا على المشهور . قال في التوضيح وعلى المشهور فيشترط في ذلك السلامة من العداوة قاله مالك رضي الله عنه .

المازري وإنما يعرض الإشكال إذا استدان رجل من آخر دينا ثم حدثت بينهما عداوة بعد الاستدانة هل يمنع من له الدين من اقتضائه لئلا يبالغ فيه ويؤذيه فيؤمر بتوكيل غيره أو لا يمنع لأنها ضرورة ، تردد ابن القصار في هذا وإشارته تقتضي الميل إلى أنه لا يمكن من اقتضائه بنفسه . وقال البساطي لو كان المحال عدوا للمحال عليه اشترط رضاه . واختلف على هذا إذا حدثت العداوة بعد الحوالة هل يجب التوكيل أو لا كما قالوا فيمن له دين [ ص: 180 ] على شخص وتجددت بينهما عداوة . قال في التوضيح وعلى المشهور فهل يشترط حضور المحال عليه وإقراره كما في بيع الدين وهو قول ابن القاسم ، وهو قول ابن الماجشون ، وللموثقين الأندلسيين أيضا القولان . وفي المتيطية عن مالك رضي الله عنه إجازة الحوالة مع الجهل بذمة المحال عليه ، وأصل الخلاف مبني على الخلاف الذي بين الشيوخ هل هي مستثناة من بيع الدين بالدين فيسلك بها مسلك البيوع أو هي أصل بنفسه ا هـ كلام التوضيح .

وقال ابن سلمون ولا يشترط رضا المحال عليه عند جمهور العلماء ، ولا يشترط علمه ولا حضوره على المشهور . وفي الاستغناء لا تجوز الحوالة على الغائب ، وإن وقعت فسخت حتى يحضر وإن كانت له بينة لأنها قد تكون للغائب من ذلك براءة . وفي المشتمل لا تجوز الحوالة إلا على حاضر مقر . ا هـ . وعلى قول ابن القاسم اقتصر الوقار في مختصره ، ونصه ولا يجوز أن يحال أحد بحق له على غائب لأنه لا يدري ما في ماله ، ولا يجوز أن يحال به على ميت بعد موته وهو بخلاف الحي الحاضر لأن ذمة الميت قد فاتت ، وذمة الحي موجودة . ا هـ . وعليه اقتصر صاحب الإرشاد وصاحب الكافي والمتيطي وابن فتوح ، وقبله ابن عرفة .

وفي المدونة لا بأس أن تكتري من رجل داره أو عبده بدين حال أو مؤجل على رجل آخر مقر حاضر مليء وتحيله عليه إن شرعت في السكنى والخدمة . أبو الحسن شرط هنا كونه حاضرا مقرا ولم يشترطه في بعض المواضع . الشيخ فحيث ذكره يقيد به ما لم تذكره ا هـ المشذالي قوله مقر حاضر مفهومه لو كان غائبا لم تجز الحوالة في الطرر عن ابن أبي زيد القرطبي لا تجوز الحوالة على غائب ، فإن وقعت فسخت لأنه قد تكون للغائب من ذلك براءة




الخدمات العلمية