الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 214 ] وجاز صلحه عنه بما جاز للغريم على الأصح

التالي السابق


( وجاز صلحه ) أي الضامن رب الدين ( عنه ) أي المدين أو الدين ( بما ) أي المال الذي ( جاز للغريم ) أي المدين صلح رب الدين به ( على ) القول ( الأصح ) من الخلاف عند بعض المتأخرين غير الأربعة الذين قدمهم المصنف فينزل الضامن منزلة المضمون ، فيجوز صلح الضامن بعد الأجل عن دنانير جيدة بدنانير رديئة وعكسه لجوازه للمضمون .

( تنكيت ) تعقب البساطي كلام المصنف بصورتين يجوز الصلح فيهما للغريم ولا يجوز الضامن أحدهما طعام السلم الذي حل أجله ، يجوز للغريم الصلح عنه بأدنى أو أجود كما في المدونة ولا يجوز للضامن الثانية يجوز صلح الغريم بغير الجنس بشرطه ولا يجوز للضامن ، وكذا الصلح عن دنانير بدراهم وعكسه ، ويجاب عن المصنف بأنه لم يستثن هاتين المسألتين لأنه لما ذكر الأولى في توضيحه عقب قوله ما جاز للغريم أن يدفعه جاز للضامن ، قال لكن قال المازري لم يطرد هذا أي الجواز في المدونة في الطعام من السلم فإنه منع الكفيل أن يصالح من له الدين إذا حل الأجل بطعام أجود مما تحمل به أو أدنى منه ، وإن فعل ذلك قضاء عن الغريم لا يشتريه لنفسه لأنه بيع الطعام قبل قبضه ا هـ . فلم يعتمد هنا ما ذكره المازري عنها . [ ص: 215 ] وأما الثانية ففي التوضيح قبل هذا بنحو صفحة اختلف قول المدونة إذا صالح بمثلي مخالف جنس الدين فمنعه في السلم الثاني وأجازه في الكفالة . ابن عبد السلام وهو أقرب لأن الباب معروف ، وما لا يجوز للغريم دفعه عوضا عما عليه لا يجوز للضامن فلو ضمنه في عروض من سلم فلا يجوز للضامن الصلح عنها قبل الأجل بأدنى صفة أو قدرا لدخول ضع وتعجل ولا بأكثر قبل الأجل لدخول حط الضمان وأزيد قاله تت .

طفي لأنه بيع الطعام قبل قبضه زاد في المدونة لأن المطلوب مخير إن شاء أعطى الحميل مثل ما أدى أو ما كان عليه . وقوله لم يعتمد ما ذكره المازري عنها فيه نظر ، إذ يبقى المصنف لا مستند له في مخالفة المدونة ، وقوله اختلف قول المدونة إذا صالح بمثلي إلخ أي : والدين عين . ابن عرفة وفي منعه عن عين بمثلي وجوازه قولا سلمها وكفالتها ، ونص سلمها وإن كان دينك مائة دينار من قرض فصالحك الكفيل عنها قبل الأجل أو بعده بشيء يرجع إلى القيمة جاز ذلك ، ويرجع الكفيل على الغريم بالأقل من الدين أو القيمة لما صالح به وإن صالحك الكفيل بطعام أو بما يقضي بثمنه لم يجز لأن الغريم بالخيار إن شاء إن أعطاك مثله أو الدين ا هـ .

ونص كفالتها ومن تكفل بمائة دينار هاشمية فأداها دمشقية وهي دونها برضا الطالب رجع بمثل ما أدى ، ولو دفع فيها عرضا أو طعاما فالغريم مخير في دفع مثل الطعام أو قيمة العرض أو ما لزمه من أصل الدين ا هـ . فكلاهما في المصالحة عن العين بمثلي كما قال ابن عرفة خلافا لتعميم ابن عبد السلام ، أما المصالحة عن العين بمقوم فجائزة كما تقدم في نص سلمها ، وحكى المازري عليه الاتفاق ، وقبله ابن عرفة ، وأما المصالحة عن العوض بعرض أو عين فقال ابن عرفة وفي منعه عن عرض بعين أو عرض مخالف له سماع عيسى ابن القاسم .

ونقل ابن رشد وأما المصالحة عن المثلي بمثلي من غير جنسه كتمر عن قمح ، ابن رشد فيه قولان بالجواز والمنع ، وبهذا تعلم أن البساطي أطلق في منع المصالحة بغير الجنس للكفيل ، وفيها تفصيل . وقول تت فدرج هنا على ما استقر به . ابن عبد السلام يلزم [ ص: 216 ] عليه مخالفة المشهور لأن ما في سلمها هو المشهور كما صرح به ابن زرقون وقبله ابن عرفة وما في كفالتها مضطرب . عياض سقط عند ابن عتاب ذكر الطعام هنا وثبت في كثير من النسخ ، وفي رواية يحيى قوله أو طعام لا يعجبني . ا هـ . والظاهر أن المصنف أراد المسألة المتفق عليها وهي المصالحة بالمقوم عن العين ولم يرد المصالحة بالمثلي لقوله ورجع بالأقل منه أو قيمته وقد أخذوا من عبارة ابن الحاجب التي كهذه أن الصلح بمقوم فلا يرد شيء مما ذكر .

وأما الصلح عن الذهب بالورق وعكسه ففيه قولان بالجواز والمنع ، ذكرهما في المدونة ، وجزم البساطي يقتضي أنه متفق عليه وليس كذلك . ا هـ . كلام طفي . البناني المصالحة بالمقوم عن العين نص على جوازها في المدونة ، وحكى المازري الاتفاق عليه ، وقبله ابن عرفة وإن كان الخلاف موجودا فيما عند غيره كما في التوضيح إذ لا أقول إن الجواز فيها هو الراجح ، ثم قال قال في التوضيح الباجي وإلى منع المصالحة بالدراهم عن الدنانير وبالعكس رجع ابن القاسم وأشهب وأصحابنا ا هـ .

وأما صلحه عن طعام بيع بأجود منه أو أدنى ، فإن منعه للضامن دون الغريم ذكره في المدونة ، ونقل في ضيح بعد ذكره أن الكفيل كالغريم فيما يجوز من الصلح ويمنع عن المازري ما نصه ، لكن لم يطرد هذا في المدونة في الطعام من السلم ، فإنه منع الكفيل أن يصالح إذا حل الأجل بطعام أجود أو أدنى منه ، وعلله بأنه بيع الطعام قبل قبضه لحصول الخيار للمدين إلخ




الخدمات العلمية