الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 157 - 158 ] وللمستحق أخذها ، ودفع كراء الحرث فإن أبى قيل له أعط كراء سنة ، وإلا أسلمها بلا شيء

[ ص: 158 ]

التالي السابق


[ ص: 158 ] وللمستحق ) بكسر الحاء المهملة للكراء المعين أو للأرض ( أخذها ) أي الأرض المستحق كراؤها المعين أو نفسها بعد حرثها من مكتريها ( ودفع كراء الحرث ) لمكتريها الذي حرثها ( فإن أبى ) أي امتنع المستحق من دفع أجرة حرثها ( قيل ) بكسر فسكون ( له ) أي المكتري ( أعط ) المستحق ( كراء سنة ) وازرعها ، فإن أعطاه ذلك فواضح ( وإلا ) أي وإن لم يعطه ذلك قيل له ( أسلمها ) أي الأرض للمستحق ( بلا شيء ) لك في حرثك . " ق " يحيى سألت ابن القاسم عمن استحق أرضا وقد قلبها الذي كانت بيده وأنعم حرثها ليزرعها فقال المستحق بالخيار إن شاء أعطاه قيمة عمله وأخذها ، فإن أبى قيل للذي استحقت في يديه إن شئت فاغرم كراءها ، وإن شئت فأسلمها بما فيها من العمل ولا شيء لك . وقال سحنون لا شيء له وإن زبلها لأنه استهلك فيها .

ابن رشد قول ابن القاسم أصح إذ ليس بمتعد ، وإنما عمل بوجه شبهة فلا يظلم عمله . وقول ابن القاسم وإن شئت فأسلمها ولا شيء لك على غير أصل . قوله بل ينبغي إذا أبى أن يكونا شريكين في كرائها ذلك العام رب الأرض بقيمة كرائها غير محروثة ورب الحرث بقيمته ، وفيها قال مالك رضي الله تعالى عنه من أحيا أرضا وهو يظنها مواتا ثم استحقت قيل لمستحقها ادفع قيمة عمارته ، فإن أبى فشريكان فيها ، هذا بقيمة أرضه وهذا بقيمة عمارته . ابن يونس الصواب أن يقوم لكل واحد شيئه على حدته ولا تقوم الأرض بما زادت العمارة إذ قد لا تزيد . الحط يصح أنه أراد مستحق الأرض أو مستحق الثوب أو العبد المكتري به أو هما معا لأن حكمهما واحد . أبو الحسن ابن يونس بعض فقهائنا القرويين إن أراد مستحق العبد أن يجيز بيع عبده بمنفعة الأرض ، ويأخذ الأرض إن لم تحرث لكان له ذلك ، وإن حرثت كان له أن يدفع إلى المكتري حق حرثه ويأخذ الأرض ، [ ص: 159 ] لأنه كمستحق لمنفعتها ووجد منفعتها باقية فهو كمن استحق أرضا بعد أن حرثها مكتريها في أنه يدفع إليه حق حرثها ويأخذ أرضه ، فإن امتنع دفع له المكتري كراء سنة ، فإن امتنع سلمها بحرثها فحكم مستحق العبد في ثمنه كحكم مستحق الأرض . ا هـ . ونحوه في كتاب الاستحقاق .

وفي كلام عياض وما ذكره المصنف هو قول ابن القاسم ، وصححه ابن رشد ، واعترض قوله وإلا أسلمها بلا شيء بأنه كان ينبغي أن يجعلهما شريكين في كراء ذلك العام الأرض محروثة المستحق بقيمة كرائها غير محروثة ، والمكتري بقيمة حرثه وعمله ، وقال هذا على أصله في الرجوع على المستحق بقيمة السقي والعلاج . طفي قرر الشارح المسألة كلها في استحقاق الأرض ، ونقل كلام المستخرجة وقرر الفوات بقوله من اكترى أرضا من آخر وحرثها ، فإنها تفوت فيما بينهما ويقر فيها وليس للمستحق أخذها حتى يدفع كراء حرثها . ا هـ . وهذا الذي قاله في معنى الفوات غير صحيح إذ حيث كان له أخذها فلا فوات ، وقد عرض " ح " به حيث قال ولا يصح حمل كلامه على استحقاق الأرض المكتراة لأنها إذا استحقت لم يبق للمكري كلام حرثت أو لم تحرث . ا هـ . وكذا ابن غازي حيث قال السياق يعطي أن هذا في استحقاق الأرض كالذي قبله ، والذي بعده وإنما فرضه فيها في استحقاق ما أكريت به ا هـ فتعين أن قوله وفاتت بحرثها في استحقاق الأجرة وقوله وللمستحق أخذها إلخ ، يصح أن يكون من قيمته وأن يكون مسألة مستقلة في استحقاق الأرض ، أشار به لما في المستخرجة ، ويصح أن يكون أشار به لهما معا إذ حكمهما واحد فيما ذكر كما قاله ابن يونس وأبو الحسن والله الموفق .




الخدمات العلمية