الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 397 ] وأقتت بالجذاذ ، وحملت على الأول ، إن لم يشترط ثان ، [ ص: 398 ] وكبياض نخل أو زرع ; إن وافق الجزء وبذره العامل ، وكان ثلثا بإسقاط كلفة الثمرة : وإلا فسد : [ ص: 399 ] كاشتراطه ربه ، وألغي للعامل ، إن سكنا عنه ، أو اشترطه

التالي السابق


( وأقتت ) بضم الهمز وكسر القاف مشددة ، أي أجل كذلك عمل المساقاة ( بالجذاذ ) بفتح الجيم وإعجام الذالين أو إهمالهما ، أي بقطع الثمرة فيها للإمام مالك رضي الله تعالى عنه الشأن في المساقاة إلى الجذاذ لا يجوز شهرا ولا سنة محدودة ، وهي إلى الجذاذ إذا لم يؤجلا . ابن القاسم إن كانت تطعم في العام مرتين فهي إلى الجذاذ الأول حتى يشترط الثاني . الحط لم يبين المصنف رحمه الله تعالى هل التوقيت شرط لصحتها أم لا ، والذي يقتضيه كلامها أنه ليس بشرط فيها . ابن الحاجب يشترط تأقيتها وأقله إلى الجذاذ وإن أطلقت حملت عليه . ابن عبد السلام اشتراط التأقيت مع الحكم بصحة المطلقة بعيد . فإن قلت لعل مراده أن الجهالة تفسدها وهو أمر زائد على إطلاقها . قلت فتكون الجهالة مانعة من الصحة لا أن التأقيت شرط صحة ا هـ . أبو الحسن قولها لا تجوز شهرا ولا سنة محدودة ، ظاهره كان الأجل ينقضي قبل أجل الجذاذ أو بعده ، فهذا لا يجوز لأنه إن كان لا ينقضي إلا بعد الجذاذ فهي زيادة اشترطها رب الحائط على العامل ، وإن كان الأجل ينقضي قبله فهي زيادة اشترطها العامل على رب الحائط لأنه يعمل في نصيبه بعد الأجل إلى الجذاذ ، فلذا قال لا تجوز شهرا ولا سنة محدودة .

( و ) إن أقتت بالجذاذ وكان الشجر يطعم مرتين في العام ( حملت ) بضم فكسر المساقاة ( على ) جذاذ بطن ( أول إن لم يشترط ) بضم التحتية وفتح الراء بقاؤها إلى أن يجذ بطن ( ثان ) فإن اشترط استمرت إليه . ابن القاسم إن كانت تطعم في العام مرتين [ ص: 398 ] فهي إلى الجذاذ الأول حتى يشترط الثاني ، وفيها لا بأس بمساقاة نخل يطعم في السنة مرتين كما تجوز مساقاة عامين ، وليس ما ذكر هنا كمساقاة القضب يحل بيعه وبيع ما يأتي بعده والشجر لا تباع ثمارها قبل أن تزهى ا هـ .

وعطف على قوله كزرع المشبه بالشجر في صحة مساقاته مشبها آخر فيها فقال ( وكبياض ) أي أرض خالية من الشجر والزرع سميت بياضا لإشراقها في النهار بشعاع الشمس . وفي الليل بنور الكواكب ، فإن استترت عن ذلك بورق الشجر أو الزرع سميت سوادا لا سوادها بالظل بين ( نخل أو زرع ) أو مجاور له فيصح إدخاله في المساقاة بجزء مما يخرج مما يزرع فيه ( إن وافق الجزء ) المشروط فيه الجزء المشروط في مساقاة النخل أو الزرع كالثلث من كل منهما ، فإن اختلفا كثلث أحدهما ونصف الآخر فلا تصح مساقاته ، ولم يشترط أصبغ موافقة الجزء ، وقد جرى العرف عندنا بفاس بأن البياض لا يعطى إلا بجزء أكثر فله مستند فلا يشوش على الناس ، إذ ذاك يذكر المشهور قاله المسناوي . ا هـ . بناني .

( و ) إن ( بذره ) أي البياض ( العامل ) من ماله فإن كان بذره من مال ربه أو منهما جميعا فلا تصح ، وإن نزل فيرد إلى مساقاة مثله في النخل وأجرة مثله في البياض ( و ) إن ( كان ) كراء البياض ( ثلثا ) من مجموعه مع قيمة الثمرة أو الحب ( بإسقاط كلفة ) بضم الكاف وسكون اللام أي ما كلفت به وأنفق على ( الثمرة ) أو الزرع بأن كان كراء البياض عشرة وقيمة الثمرة بعد إسقاط كلفتها عشرين مثلا . الحط وبقي شرط رابع وهو كون حرثه وعمله على العامل ففيها لا يجوز أن يشترط فيه نصف البذر على رب الحائط أو حرث البياض فقط وإن جعلا الزرع بينهما ، وإن كان على أن يزرعه العامل من عنده ويعمله وما أنبت فبينهما فجائز ا هـ ( وإلا ) أي وإن لم تجتمع الشروط الثلاثة بأن انتفت كلها أو بعضها ( فسد ) عقد مساقاة البياض . [ ص: 399 ] فيها للإمام مالك رضي الله تعالى عنه البياض المتبع مثل الثلث فأدنى لا بأس أن يشترط في المساقاة على مثل ما أخذ الأصول ، وأحب إلي أن يلغى للعامل وهو أهله ، فإن شرط أنه بينهما فجائز إن كان البذر والمؤنة من عند العامل ، ولا يجوز أن يشترطه رب الحائط لنفسه إن كان العامل يسقيه . ابن حبيب فإن كان بعلا أو كان لا يسقى بماء الحائط فجائز . ابن عرفة وفيها بياض الزرع كبياض النخل ، وعزاه الباجي للموازية . ابن عبدوس صفة اعتبار التبعية أن ينظر إلى كراء الأرض كأنه خمسة ، وإلى غلة النخل على المعتاد منها بعد إسقاط قدر الإنفاق عليها ، فإن بقي عشرة فكراء الأرض الثلث فيجوز إدخاله في المساقاة لأنه تبع ، ولو بقي من قيمة الثمرة ثمانية فلا يجوز لزيادة الخمسة على ثلث الجملة . الباجي إن كان البياض أكثر من الثلث فلا تجوز مساقاته مع النخل قولا واحدا . في ضيح البياض الأرض الخالية من الشجر والزرع ، وسواء كان بين السواد أو منفردا عنه قاله ابن المواز ، ولو قال المصنف وكبياض شجر لكل أشمل .

وشبه في الفساد فقال ( كاشتراطه ) أي البياض من إضافة المصدر لمفعوله وفاعله ( ربه ) أي البياض ليزرعه لنفسه خاصة في الموطإ لا يصلح لنيله سقي العامل ، فهي زيادة اشترطها ربه على العامل ، وفيها لا يجوز أن يشترطه رب الحائط لنفسه إن كان العامل يسقيه ( وألغي ) بضم الهمز وكسر الغين المعجمة أي ترك البياض ( للعامل ) يبذره من ماله ويعمل فيه ويختص بما ينبته ( إن سكتا ) أي رب الشجر أو الزرع والعامل ( عنه ) أي البياض عند العقد أي لم يشترطاه لهما ولأحدهما ( أو ) إن ( اشترطه ) أي البياض العامل لنفسه . ابن المواز إن سكتا عن البياض في العقد فما زرع فيه العامل فهو له خاصة وكذلك لو سكتا عنه ثم تشاحا فيه عند الزراعة فهو للعامل وقاله ابن حبيب . ابن عبدوس وإذا ألغي للعامل فإنما يراعى فيه أن يكون تبعا لحصة العامل خاصة ، ولم يذكر ابن يونس خلاف هذا . وقال الباجي ظاهر قول أصحاب الإمام مالك " رضي الله عنه " أنه [ ص: 400 ] يراعى في البياض كونه تبعا لثمرة جميع الحائط فما يلغى للعامل ، وفيما يشترط دخوله في مساقاة النخل . ابن عرفة ظاهر أقوال أصحاب مالك " رضي الله عنه " أن المعتبر تبعيته لجميع ثمر الحائط في لغوه وفي إدخاله في المساقاة . وقال ابن عبدوس إنما ذلك في إدخاله فيها والمعتبر في لغوه للعامل تبعيته لحظه فقط ا هـ .




الخدمات العلمية