الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 350 ] ككل آخذ مال للتنمية فتعدى ، [ ص: 351 ] لا إن نهاه عن العمل قبله

التالي السابق


وشبه في عدم استحقاق شيء من الربح الذي تضمنه قوله والربح لهما ، أي والربح لرب المال والعامل الثاني ولا شيء منه للعامل الأول لأنه متعد فقال ( ككل آخذ ) بمد الهمز وكسر الخاء المعجمة ( مال ) من مالكه ( للتنمية ) لمالكه كوكيل على التجر ومبضع معه ( فتعدى ) على المال بتصرفه فيه بغير ما أذن له فيه مالكه ، فإن ربح فلا شيء له من ربحه ، وإن خسر فعليه خسره نظرا لما دخلا عليه ابتداء بخلاف عامل القراض إذا شارك أو باع بدين مثلا بلا إذن رب المال ، فإن خسر المال فعليه خسارته لتعديه ، وإن ربح فالربح بينه وبين رب المال نظرا لما دخلا عليه ابتداء ، إلا إذا تعدى بالمقارضة فلا شيء له من الربح كما تقدم .

ومفهوم للتنمية أن من أخذه لا لها كالمودع بالفتح وللوصي والغاصب والسارق واتجر فيه فربح فله ربحه وإن خسر فعليه خسره . " ق " أبو محمد المقارض إنما أذن له في تحريك [ ص: 351 ] المال إلى ما ينميه ، فإن حركه إلى غير ما له أخذه ضمن هلاكه ونقصه ، وإن حركه بالتعدي إلى ما أنماه دخل ربه في نمائه ، ولا يكون أولى به لتعديه ، وفارق تعدي الغاصب والمودع إذ لم يؤذن لهما في تحريك المال فتعدي العامل يشبه تعدي الوكيل والمبضع معه . الحط يعني أن العامل إذا تعدى بوجه مما تقدم وضمناه فلا يختص بالربح ، ولا يقال كما يختص بالخسر يختص بالربح كالغاصب والمودع بالفتح ، بل الربح على ما شرطا . قال في التوضيح لأنه يتهم على قصد الاستبداد بالربح فعوقب بنقيض قصده ، ولأن استبداده به يحمله على التعدي ليستقل بالربح .

( لا ) يشارك رب العامل في ربحه ( إن نهاه ) أي رب العامل ( عن العمل ) في مال القراض ( قبله ) أي العمل فخالفه وتعدى وعمل فيه فيختص بربحه لأنه صار ضامنا له كالغاصب . ابن الحاجب أما لو نهاه عن العمل قبل العمل فاشترى فكالوديعة له ربحها وعليه غرمها ، بخلاف ما لو نهاه عن سلعة فاشتراها ونحوه في المدونة ، وفيها إذا لم يشغل العامل المال حتى نهاه ربه أن يتجر به فتعدى فاشترى به سلعة فيضمن المال والربح له كمن تعدى على وديعة عنده فاشترى بها سلعة فيضمنها والربح له ، بخلاف الذي نهاه رب المال عن شراء سلعة وإن نهيته عن شراء سلعة في عقد القراض الصحيح أو بعد عقده وقبل أن يعمل به ثم اشتراها فهو متعد ، فلك تركها على القراض أو تضمينه المال ولو كان قد باعها كان الربح بينهما على شرطهما ، والوضيعة عليه خاصة ; لأنه فر بالمال من القراض حين تعدى عليه ليكون له ربحه وكذلك إن تسلف من المال ما ابتاع به سلعة لنفسه فيضمن ما خسر وما ربح كان بينكما .




الخدمات العلمية