الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 70 ] ( قال المالك أعرتك الدابة لتركبها من مصر إلى العقبة ، وقال المستعير بل إلى الإزلم ) كزائد المسافة إن لم يزد ، وإلا فللمستعير في نفي الضمان والكراء ، [ ص: 71 ] وإن برسول مخالف

التالي السابق


وشبه في أن القول للمالك فقال ( ك ) تنازع المالك والمستعير في ( زائد المسافة ) بأن قال المالك أعرتك الدابة لتركبها من مصر إلى العقبة ، وقال المستعير بل إلى الأزلم مثلا فالقول للمالك ( إن لم يزد ) أي لم يركب المستعير القدر الزائد على المسافة التي وافقه عليها المالك بأن تنازعا عند العقبة أو قبلها ( وإلا ) أي وإن زاد المستعير أي ركب المسافة الزائدة على ما قال المالك بأن تنازعا بعد بلوغ الأزلم والمستعير أي راكب عليها ( ف ) القول ( للمستعير في نفي الضمان ) إذا تعيبت الدابة في المسافة الزائدة على ما قال المالك ( و ) نفي ( الكراء ) للمسافة الزائدة على ما قال المالك إن بلغت الأزلم سالمة عند ابن القاسم .

" ق " ابن القاسم وجدت في مسائل عبد الرحيم أن مالكا رضي الله تعالى عنه قال فيمن استعار دابة فركبها إلى موضع ، فلما بلغه زعم ربها أنه أعاره إياها إلى دونه أو إلى بلد آخر ، فالقول قول المستعير إن ادعى ما يشبه مع يمينه ، وكذلك في سماع ابن القاسم نصا ، سواء قال ابن القاسم فيه وذلك إذا ركب ورجع ، وإن لم يركب بعد فالمعير مصدق مع يمينه ، وكمن أسكنته دارك أو أخدمته عبدا فبعد سنة قال هي المدة سنة ، وقلت أنت شهر فهو مصدق مع يمينه إلا أن يدعي عليك ما لا يشبه ، ولو لم يقبض المسكن ولا العبد فأنت مصدق مع يمينك .

ابن يونس وهذا من قوله يؤيد أن القول قوله في رفع الضمان والكراء لأن مستعير الدار ولو ثبت عداؤه لمجاوزة المدة التي استعار إليها فانهدمت الدار بأمر من الله تعالى في [ ص: 71 ] تلك المدة فلا يضمنها لأنه إنما تعدى على السكنى فلا يكون أسوأ حالا من غاصب السكنى ، فكيف بمن لم يثبت عداؤه ، فإذا ثبت أنه لا يضمنها فلا يبقى إلا أن يكون القول قوله في السكنى ورفع الكراء .

طفى في نفي الضمان والكراء صرح به لرد قول أشهب القول قوله في نفي الضمان فقط لا في نفي الكراء . البناني في ضيح أي وإن ركب إلى الغاية فقال ابن القاسم في المدونة القول قول المستعير إن ادعى ما يشبه مع يمينه ، وهذا الحكم لم يذكر في المدونة أن ابن القاسم قال به ، بل قال وجدت في مسائل عبد الرحيم ذلك نعم ظاهر الحال أنه قائل بذلك . وذكر ابن يونس أن مقتضى قول ابن القاسم أن القول قول المستعير في سقوط الضمان والكراء ، وأن سحنونا وأشهب قالا القول قول المستعير في سقوط الضمان فقط ، والقول للمعير في الكراء يحلف المستعير لإسقاط الضمان والمعير لأخذ الكراء .

وبالغ على كون القول قول المالك إذا تنازعا في زائد المسافة قبل ركوبها ، وكون القول قول المستعير بعده إن كان قبضها المستعير بنفسه من مالكها المعير ، بل ( وإن ) كان قبضها ( برسول ) من المستعير للمعير ( مخالف ) للمعير إذا تنازعا قبل الزيادة ، وللمستعير إن تنازعا بعدها فتلغى شهادته لأنها شهادة على فعل نفسه . " ق " أشهب من بعث رسولا إلى رجل يعيره دابة إلى برقة فأعاره فركبها المستعير إلى برقة فعطبت فقال المعير إنما أعرته إلى فلسطين ، وقال الرسول إلى برقة فشهادة الرسول هنا لا تجوز للمستعير ولا عليه لأنه إنما شهد على فعل نفسه ويحلف المستعير أنه ما استعارها إلا لبرقة ويسقط عنه الضمان .

في التوضيح في شرح قول ابن الحاجب برسول موافق أو مخالف ما ذكره من تساوي الحكم هو بالنسبة إلى أشهب صحيح ، وأما عند ابن القاسم ففي المدونة فيمن بعث رسولا إلى رجل ليعيره دابته إلى برقة فقال الرسول إلى فلسطين فعطبت عند المستعير واعترف الرسول بالكذب ضمنها ، وإن قال بذلك أمرتني وأكذبه المعير فلا يكون الرسول شاهدا .

[ ص: 72 ] لأنه خصم ، وتمت المسألة هنا في أكثر الروايات ، وعليه اقتصر البرادعي ، وزاد ابن أبي زيد في مختصره والمستعير ضامن إلا أن تكون له بينة على ما زعم ، وصحت هذه الزيادة في رواية يحيى بن عمرو على هذه الزيادة فليس الحكم متساويا ا هـ كلام ضيح وأصله لابن عبد الحكم ، لكن لا يتأتى جري كلام المصنف على مذهب ابن القاسم في المدونة ، ويكون درج على رواية الأكثر في عدم زيادة الضمان ، إذ المخالفة لأشهب إنما تأتي عليها . ولما ذكر ابن عبد السلام قول أشهب قال ولابن القاسم في المدونة ما يقرب منه ، ثم ذكر لفظ أشهب ولفظ المدونة على رواية الأكثر ، وذكر الزيادة المذكورة فقال فأورثت هذه الزيادة إشكالا على ابن القاسم لأنه وافق أشهب على سقوط الضمان في المسألة السابقة وخالفه في هذه . ا هـ . فظهر لك أن لا حاجة لجري كلام المصنف على قول أشهب ، وأن قول تت وعليه درج المصنف لا على قول ابن القاسم فيها غير ظاهر ، وغره فيه نقله المدونة على ثبوت الزيادة المذكورة مقتصرا عليه ، وما ذكرناه من أن رواية الأكثر على سقوطها هو كذلك في ابن عبد السلام وضيح .

وعبارة عياض المستعير ضامن إلا أن تكون له بينة على ما زعم ثبتت هذه الزيادة في كتبنا وأصول شيوخنا في كثير من رواية الأندلسيين والقرويين ، وليست في رواية سليمان بن سالم ولا يزيد بن أيوب ، وصحت في رواية يحيى بن عمر قال أبو القاسم اللبيدي وهي مطروحة من رواية جبلة بن حمود ، وأدخلها أبو محمد وغيره من المختصرين وأسقطها البرادعي ، وقد قال أشهب لا يضمن المستعير ويحلف أنه ما أمره إلا إلى برقة ، قال بعضهم وكذلك يجب أن يقول ابن القاسم . .




الخدمات العلمية