الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
والقول للعامل في تلفه وخسره ، [ ص: 377 ] ورده إلى ربه إن قبض بلا بينة

التالي السابق


( و ) إن ادعى العامل تلف مال القراض أو خسره وكذبه ربه ف ( القول للعامل في ) دعوى ( تلفه ) أي مال القراض كله أو بعضه لأنه أمين عليه ( وظاهره ولو كان غير أمين ) لأنه رضيه أمينا ( و ) القول له في دعوى ( خسره ) أيضا بضم الخاء المعجمة وسكون السين ، أي نقص المال بسبب التجر به ، وإن اتهمه رب المال فله تحليفه على المشهور ، وإن حقق الدعوى عليه فله تحليفه اتفاقا ، وظاهره قبول قوله مطلقا ، وقيده [ ص: 377 ] اللخمي بشبهه ويعرف بسؤال التجار في تلك السلع هل حصل فيها خسر في تلك المدة أم لا ، وإن أشكل الأمر عليهم صدق العامل نقله عنه في التوضيح .

ابن الحاجب العامل أمين فالقول قوله في ضياعه وخسرانه . اللخمي إن اختلفا في تلفه فقال العامل ضاع أو سقط مني أو سرق أو غرق كان القول قوله في جميع ذلك لأنه أمين ، والأمين يصدق في أمانته مأمونا كان أو غير مأمون لأن رب المال رضيه أمينا واختلف في يمينه .

( و ) إن ادعى العامل رد المال لربه وأنكره ربه فالقول للعامل في دعوى ( رده ) أي مال القراض لربه ( إن ) كان ( قبض ) بضم فكسر المال من ربه ( بلا بينة ) فإن كان قبضه منه ببينة فلا يصدق في دعوى رده إلا ببينة على المشهور ، ويحلف اتفاقا لأن رب المال حقق الدعوى عليه وتنقلب عليه إن نكل العامل ، وظاهر كلامه كالمدونة عدم شرط قصد التوثق والاكتفاء بحضورها قبضه بلا قصد توثق ، وفي كلام غير واحد من الشيوخ تقييدها به . اللخمي إن اختلفا في رده وكان أخذه بغير بينة كان القول قوله مع يمينه وإن كان ثقة لأن رب المال يدعي عليه التحقيق ، وإن أخذه ببينة فلا يقبل قوله هذا قوله في المدونة .

( تنبيهات ) . الأول : الحط هذا أي تصديق العامل في الرد إذا ادعى أنه رد جميعه أو رد بعضه وكان الباقي لا يفي برأس المال ، وإنما يفي بما رده . وأما لو كان الباقي يفي برأس المال لكان القول قول رب المال ما دام في المال ربح ، ففي المدونة إن قال العامل رددت إليك رأس مالك ، والذي بيدي ربح . وقال رب المال لم تدفع إلي شيئا صدق رب المال ما دام في المال ربح ، وعلى العامل البينة . ابن يونس حكى عن القابسي أنه قال ذلك إذا قال ما في يدي هذا ربح بيني وبينك ، لأنه أقر أن حق رب المال قائم بيده بعد ، وأما لو قال رددت إليك المال وحصتك من الربح ، وما في يدي حصتي من الربح لكان القول [ ص: 378 ] قول العامل إذا كان قبضه بغير بينة كما لو لم يكن . في المال ربح فادعى أنه رده إلى صاحبه فكان القول قوله بيمينه ا هـ . وقال اللخمي بعد كلامها وينبغي أن يقبل قوله ، وكذلك إذا قال هذا ربحي ، وكما لو قال رددت بعض رأس المال ، ولا فرق بين قوله رددت بعض رأس المال أو جميعه دون الربح أو لم أربح شيئا أو ربحت وسلمت لك رأس مالك وربحك ، وقد قال مالك رضي الله تعالى عنه في كتاب محمد في المساقي يقول بعد جذاذ الثمرة دفعت إليك نصيبك فالقول قول العامل ، وإن كان يقول هذا الذي في يدي نصيبي فكذلك القراض . ا هـ ابن عرفة بعد ما تقدم ، ففي قبول دعوى العامل رد المال مقرا ببقاء ربح بيده . ثالثها إن ادعى رد حظ رب المال منه للخمي ولها وللقابسي ا هـ . الجزولي من مال رددت إليك ما وكلتني عليه وعلى بيعه أو دفعت إليك ثمنه أو وديعتك أو قراضك فالقول قوله إلا أن يقول رددت إليك رأس المال ، والذي بيدي ربح بيني وبينك ، وقال رب المال لم تدفع لي شيئا صدق رب المال ما دام في المال ربح ، وعلى العامل البينة وهذا نص ما في المدونة . ا هـ .

( الثاني ) : الحط لو ادعى العامل أنه لم يعمل بالمال فالظاهر أن القول قوله بيمين ، ولم أر الآن فيه نصا ، والله أعلم . ( الثالث ) : حكم المبضع معه في دعوى الرد والتلف حكم المقارض ، والله أعلم .




الخدمات العلمية