الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 232 ] وقدم مشاركه في السهم ، وإن كأخت لأب أخذت سدسا ، [ ص: 233 ] ودخل على غيره : كذي سهم على وارث

التالي السابق


( و ) إن تعدد شركاء من باع شقصه في عقار ينقسم ، واختلفوا في الدرجات ( قدم ) بضم فكسر مثقلا في أخذ الشقص المبيع بالشفعة ونائب فاعل قدم ( مشاركه ) أي البائع ( في السهم ) أي الفرض على مشاركة الأجنبي وعلى مشاركه في أصل الإرث ، كدار بين أجنبيين مات أحدهما عن جدتين وزوجتين وشقيقتين فباعت إحدى النساء شقصها فتختص شريكتها في فرضهما بالشفعة ، فإن تركت شفعتها اختص باقي الورثة ، فإن تركوها فهي للأجنبي إن كان المشارك في السهم إحدى جدتين أو زوجتين أو شقيقتين مثلا ، بل ( وإن ) كان ( كأخت لأب أخذت سدسا ) مع أخت شقيقة أخذت نصفا لأن السدس مع النصف فرض واحد وهو الثلثان فإن باعت الشقيقة شقصها فالشفعة فيه للأخت للأب وعكسه . [ ص: 233 ] ودخل ) ذو السهم ( على غيره ) أي ذي السهم من عاصب وأجنبي ، ومثل للدخول فقال ( كذي ) أي صاحب ( سهم ) أي فرض ( على وارث ) عاصب أفاده تت . طفي تقريره بذي السهم وجعل قوله كذي سهم على وارث مثالا تنبو عنه عبارة المصنف لأن المعهود في المثال أن يتقدمه عموم يندرج المثال فيه ، وهنا ليس كذلك ، وتبع تت الشارح والصواب أن المراد بقوله ودخل على غيره ، أي الأخص غير ذي السهم بدليل ما بعده لأن المراد بقوله وقدم مشاركه في السهم أي الحظ سواء كان فرضا أم لا ، وعلى هذا حمل المصنف في توضيحه قول ابن الحاجب ويدخل الأخص على الأعم فإنه قال لو حصلت شركة بوراثة عن وراثة لكان أهل الوراثة السفلى أولى ، نص عليه في المدونة في إرث ثلاثة بنين دارا ثم مات أحدهم عن أولاد ، فإن باع أحد أولاد الولد شقصه منها قدم إخوته في الشفعة ثم أعمامه ثم شركاؤه فيها لو باع أحد الأعمام فالشفعة لبقيتهم مع بني أخيهم لقيامهم مقام أبيهم ، فنص على أن الأخص يدخل على الأعم ، وإليه أشار بقوله ويدخل الأخص على الأعم ا هـ كلام ضيح ، فهذا مراده في مختصره ، وبحمل كلامه عليه يشتمل على ثلاث مسائل ، كقول ابن الحاجب والشريك الأخص أولى على المشهور ، ويدخل الأخص على الأعم ، وفي دخول ذوي السهام على العصبة قولان والمصنف ينسج على منواله .

وقال " غ " ودخل الأخص على غيره من ذوي الفروض ، وأما دخوله على العاصب فأفاده بقوله بعد كذي سهم على وارث أي عاصب ورده تت في كبيره ، قال غير ظاهر وإلا لدخلت الزوجات في الفرض السابق مع البنات . ا هـ . وهذا لا يرد على " غ " لأن هذا علم من قوله وقدم مشاركه في السهم ، نعم يرد عليه أنه لا خصوصية للأخص في دخوله على ذوي الفروض ، بل كذلك غيره من الورثة فثقل جدوى كلام المصنف ، إذ هو في الاختصاص ولا اختصاص هنا كما يأتي ، وإن كان هذا خلاف ظاهر قول ابن الحاجب والشريك الأخص أولى على المشهور ، فإن أسقط فالأعم كالجدتين والزوجتين والأختين ثم بقية الورثة ثم الأجانب فجعل المراتب أربعا ، وبه قرره في توضيحه . [ ص: 234 ] قال قوله فإن أسقط هو تفريع على المشهور فتكون لبقية ذوي السهام ثم لباقي الورثة أي العصبة إن كان في الفريضة عصبة ، فإن أسقط العصبة فالشركاء الأجانب . ا هـ . وتبعه ابن فرحون وهو غير صحيح ، بل أسقط الأخص المشارك في السهم دخل جميع الورثة ذو السهم والعصبة ، ففي الجواهر فإن باعت إحدى الجدتين أو الأختين أو الزوجتين شفعت الأخرى خاصة ، فإن سلمت شفع بقية أهل السهام والعصبة ، فإن سلموا شفعت الشركاء الأجانب ا هـ .

ويأتي مثله في سماع يحيى ، وأقره ابن رشد وفي كتاب محمد وغيره ويأتي نصه ، وتعقب ناصر الدين ضيح فيما قاله ، وقرره ابن عبد السلام على الصواب ، فقد اتضح لك مساواة جميع الورثة عاصبا وذا سهم في حصة البائع إن أسقط شريكه الأخص ، فأين يكون الأخص يدخل على ذوي الفروض ويختص بذلك لأن الكلام في امتيازه بحظ شريكه وبدخوله على غيره ، ولذا قال ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب ويدخل الأخص على الأعم ما نصه لما قرر أن الشريك الأخص أولى من غيره ، وأنه إذا باع أحد الأخصين فلا دخول للأعم ، بين هنا أن للأخص مزية أخرى ، وأنه إذا باع أحد الأعمين فلا يختص بالشفعة الأعم ، بل يدخل معه الشريك الأخص . ا هـ . ولا يكون هذا إلا فيما ذكرنا عن المدونة ، والله أعلم .




الخدمات العلمية