الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 252 ] ومراضاة فكالبيع

التالي السابق


( و ) الثاني ( مراضاة ) بينهما أو بينهم في قسمة ذات المشترك بينهما أو بينهم ( ف ) هي ( كالبيع ) في أن من صار له شيء اختص بملكه وأنها تكون فيما تماثل وفيما اختلف وفي المقوم والمثلي ، وأنه لا يرد فيها بغبن إن لم يدخلا فيها مقوما ، وأنها لا تحتاج إلى تعديل ولا إلى تقويم ، وأنه لا يجبر عليها من أباها . الحط هذا هو القسم الثاني من أقسام القسمة الثلاثة ، وهي قسمة المراضاة ، وسماها بعضهم قسمة بيع .

ابن عرفة وهي أخذ بعضهم بعض ما بينهم على أخذ كل واحد منه ما يعد له بتراض ملكا للجميع وهو قسمان ، قسم بعد تقويم وتعديل وهذا لا يقضى به على من أباه ، ويجمع فيه بين حظ اثنين وبين الأجناس والأصناف والمكيل والموزون إلا ما يدخر من الطعام الذي لا يجوز التفاضل فيه ، ويقام فيه بالغبن إذا ظهر والأظهر أنه بيع وقسم بلا تقويم ولا تعديل ، وحكمه حكم الذي بتقويم وتعديل إلا في القيام بالغبن وهو بيع بلا خلاف ، قاله في المعين وغيره ونحوه في التوضيح والتنبيهات .

( تنبيهان ) الأول : شبه المراضاة بالبيع مع قول اللخمي وابن رشد أنها بيع لإجازتهم الفضل في قسمة قفيز بر لكل منهما نصفه بالتراضي على أن لأحدهما ثلثيه وللآخر ثلثه ، فلو كانت بيعا محضا لم تجز للربا . [ ص: 253 ] الثاني : ابن راشد يعكر على قولهم قسمة المراضاة بيع إجازتهم فيها قسم قفيز بر بينهما نصفين على الثلث والثلثين ، ولو كانت بيعا لامتنعت بهذا الوجه للربا . طفي جوابه تصريحهم بجواز القسمة المذكورة إنما يعكر عليهم لو أطلقوا في قولهم إنها بيع . أما حيث قيدوا فلا ، ويصرف قولهم إنها بيع لغير هذه الصورة من عدم الجبر وجمع الأجناس وجمع حظين ، وعدم القيام بالغبن ، واستثنوا الصورة المذكورة . اللخمي يجوز التفاضل في المقاسمة بخلاف البيع والتراخي جائز أيضا . وقال ابن رشد الصبرة الواحدة من المكيل أو الموزون لا خلاف في جواز قسمها على الاعتدال في الكيل أو الوزن وعلى التفضيل البين كان ذلك مما يجوز فيه التفضيل أم لا ، ويجوز بالمكيال المعلوم والمجهول ولا خلاف أن قسمه بغير كيل ولا وزن ولا تحر لا يجوز لأنه غرر ومخاطرة ، وإن كان طعاما مقتاتا مدخرا دخله أيضا التفضيل وقسمته تحريا جائزة في الموزون دون المكيل ، ثم قال وإن لم يكن صبرة واحدة وهو لا يجوز فيه الفضل كصبرتي قمح وشعير أو محمولة وسمراء ونقي ومغلوث فلا يجوز إلا باعتدال الكيل أو الوزن بمكيال معلوم ، وصنجة معلومة .

وإن كان مما يجوز فيه الفضل جاز قسمه على الفضل البين والاعتدال بمكيال أو ميزان معلوم لا مجهول لأنه غرر ووجب قسم كل صبرة وحدها ، ويجوز حينئذ بمكيال أو ميزان مجهول لأن قسم الصبرة ليس قسما حقيقيا ، إنما هو تمييز حق . ا هـ . فإذا أحطت بهذا علما فلك أن تجيب عن مناقضة ابن راشد بما قلناه ، ولك أن ترد المناقضة من أصلها وتبقى القسمة بيعا حتى في منع الفضل ، ولا يعكر على هذا إجازتهما قسم القفيز على ثلثين وثلث لأن قسمة الصبرة الواحدة ليست قسمة حقيقية قاله ابن رشد ، وهو ظاهر لاتحاد الصفة والقدر ، وهذا الجواب هو الصواب ، فلا معارضة ولا تعكير أصلا ، فشد عليه يد الضنين .

ولذا أطلق صاحب المعين وغيره في المراضاة منعها فيما يحرم فيه الفضل إشارة إلى أن الصبرة الواحدة والقفيز الواحد ليست قسمته قسمة حقيقية ، وقد اقتصر " ح " على كلام المعين ، وكذا أطلق ابن رشد في موضع آخر قسم المراضاة إلى وجهين [ ص: 254 ] بتعديل وبغيره فقال الوجهان يصحان في الجنس الواحد وفي الأجناس المختلفة ، وفي المكيل والموزون ، إلا ما كان منه صنفا واحدا مدخرا لا يجوز الفضل فيه .




الخدمات العلمية