الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
إن قصد ضربا ; [ ص: 18 - 19 ] وإن بقضيب كخنق ومنع طعام ، ومثقل ، ولا قسامة إن أنفذ مقتله بشيء ;

التالي السابق


ثم شرع في الكلام على الركن الثالث وهي الجناية فقال ( إن قصد ) المكلف غير الحربي الذي لم يزد بحرية ولا إسلام ( ضربا ) للمقتول الذي لا يجوز له ضربه على وجه الغضب ، أما إن قصد ضرب من يجوز له ضربه كحربي فتبين مسلما فهو الخطأ فيه الدية ، وقد قتل الصحابة مسلما يظنونه حربيا فوداه صلى الله عليه وسلم ولم يهددهم ، وإن قصده على وجه اللعب فقيل إنه خطأ وهو مذهب ابن القاسم ، وروايته عن مالك في المدونة . وقيل عمد يقتص منه ، وثالثها إن تلاعبا فخطأ وإن لم يلاعبه فيه القود ، ولو اعتقد أنه زيد فإذا هو عمرو أو اعتقد أنه عمرو بن فلان فتبين أنه عمرو بن آخر لقتلهم قاتل خارجة معتقدا أنه عمرو بن العاص ولم يلتفتوا لقوله أردت عمرا وأراد الله خارجة ا هـ . [ ص: 18 ] عب البناني لزوم القود في هذه هو الصحيح ، وبه جزم ابن عرفة أولا خلاف ما نقله بعده عن مقتضى قول الباجي ، ووقع في الحط ، وتبعه الخرشي أنه إذا قصد ضرب شخص فأصابت الضربة غيره ، فإنه عمد فيه القود وهو غير صحيح ، وقد نص ابن عرفة وابن فرحون وغيرهما أن حكمه حكم الخطأ لا قود فيه ، وفهم من قوله إن قصد ضربا أنه لا يشترط قصد قتله ، وهو كذلك في المقدمات إن قصد الضرب ولم يقصد القتل وكان الضرب على وجه الغضب فالمشهور عن مالك المعروف من قوله أنه عمد وفيه القصاص . البناني عن ابن مرزوق عبارتهم تقتضي أن القصاص في العمد العدوان ، فنبه [ ص: 19 ] المصنف على العمد بقوله إن قصد إلخ ، وأما العدوان فالظاهر أنه أشار له بقوله وإلا أدب ا هـ .

واعلم أن القتل على أوجه : الأول : أن لا يقصد برميه شيئا أو يقصد حربيا فيصيب مسلما وهذا خطأ بإجماع فيه الدية والكفارة . الثاني : أن يقصد الضرب على وجه اللعب وهو خطأ على قول ابن القاسم ، وروايته في المدونة خلافا لمطرف وابن الماجشون ، ومثله قصد الأدب الجائز . وأما إن كان للنائرة والغضب فالمشهور أنه عمد يقتص به إلا في الأب ونحوه فلا قصاص فيه وتغلظ فيه الدية . الثالث قصد القتل على وجه الغيلة فيتحتم فيه القتل فلا عفو عنه قاله في المقدمات ، ومثله في المتيطية .

هذا إن ضربه بما يقتل غالبا كسيف ورمح وسهم ، بل ( وإن ) ضربه ( بقضيب ) أي عود مقضوب من شجرة ونحوه مما لا يقتل غالبا فلا يشترط كونه بما يقتل غالبا . ابن شاس فأما إن لطمه أو وكزه فمات فتخرج على الروايتين في نفي شبه العمد وإثباته فعلى رواية النفي هو عمد يجب فيه القصاص وهو مذهب الكتاب ، وعلى الرواية الأخرى في إثباته الواجب فيه الدية . ا هـ . وشبه في إيجاب القصاص فقال ( كخنق ) لمعصوم حتى مات فعلى خانقه القصاص ( و ) ك ( منع طعام ) أو شراب عن معصوم حتى مات فعلى مانعه القصاص . ابن عرفة من صور العمد ما ذكر ابن يونس عن بعض القرويين إن منع فضل مائه مسافرا عالما أنه لا يحل له منعه ، وأنه يموت إن لم يسقه قتل به ، وإن لم يل قتله بيده ا هـ .

( و ) كضرب بشيء ( مثقل ) بضم الميم وفتح المثلثة وكسر القاف مثقلة ، أي راض للبدن بلا جرح كحجر وخشبة ومات المضروب فيقتص من ضاربه به ، فلا يشترط كون المضروب به له حد يجرح ( ولا قسامة ) في شيء من ذلك ( إن أنفذ ) الضرب ( مقتله ) بأن قطع ودجه أو ثقب مصيره أو نثر دماغه أو قطع نخاعه




الخدمات العلمية