الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 365 ] أو عضه فسل يده فقلع أسنانه

التالي السابق


( أو عضه ) أي المكلف غير الحربي معصوما ( فسل ) المعضوض ( يده فقلع ) المعضوض ( أسنانه ) أي العاض . الحط هذا معطوف على ما فيه الضمان ولم يعين ما الذي يضمنه هل دية أسنانه أو القود . وفي التوضيح في قول ابن الحاجب ولو عضه فسل يده ضمن أسنانه على الأصح يعني دية أسنانه والأصح عبر عنه المازري وغيره بالمشهور ، ونقل مقابله عن بعض الأصحاب وهو أظهر لما في الصحيحين عن عمران بن حصين رضي الله تعالى عنه أن { رجلا عض يد رجل فنزع يده من فيه فوقعت ثنيتاه فاختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيعض أحدكم أخاه كما يعض الفحل لا دية لك } . زاد أبو داود وإن شئت أن تمكنه من يدك فيعضها ثم تنزعها من فيه . ابن المواز الحديث لم يروه مالك ولو ثبت عنده لم يخالفه ، وتأوله بعض شيوخ المازري على أن المعضوض لم يمكنه النزع إلا بذلك ، وحمل تضمين الأصحاب على من أمكنه النزع برفق بحيث لا تنقلع أسنان العاض فصار متعديا في الزيادة فلذلك ضمنوه . وقال القرطبي في شرح مسلم في قوله صلى الله عليه وسلم { لا دية لك } ، وفي رواية فأبطله قوله هذا نص صريح في إسقاط القصاص والدية في ذلك ، ولم يقل أحد بالقصاص فيما علمت ، وإنما الخلاف في الضمان فأسقطه أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه وبعض أصحابنا ، وضمنه الشافعي وهو مشهور مذهب مالك رضي الله تعالى عنهما ، ونزل بعض أصحابنا القول بالضمان على من أمكنه نزع يده برفق فانتزعها بعنف .

وحمل بعض أصحابنا الحديث على أنه كان متحرك الثنايا وهذا يحتاج إلى نقل صحيح ولا ينبغي أن يعدل عن صريح الحديث ا هـ . وما ذكره عن الشافعي " رضي الله عنه " خلاف ما ذكره عنه النووي من موافقة أبي حنيفة " رضي الله عنه " وهو أعرف بمذهبه . وفي مسلم { ما دفع [ ص: 366 ] يدك حتى يقضمها ثم انتزعها } . القرطبي هو أمر على جهة الإنكار كما قال صلى الله عليه وسلم في الرواية الأخرى { بم تأمرني تأمرني أن آمره أن يدع يده في فيك تقضمها كما يقضم الفحل } ، فمعناه أنك لا تدع يدك في فيه يقضمها ، ولا يمكن أن يأمر بذلك . ا هـ . زاد النووي فكيف تنكر عليه نزع يده من فيك وتطلب بما جنى في جبذته .

ويقضمها بفتح الضاد المعجمة مضارع قضم بكسرها ، يقال قضمت الدابة شعيرها إذا أكلته بأطراف أسنانها . وخضمته بخاء معجمة إذا أكلته بفيها كله ، وقيل الخضم أكل الرطب ، والقضم أكل اليابس ، ومنه قول الحسن يخضمون ويقضمون ، والموعد القيامة ، والفحل ذكر الإبل .




الخدمات العلمية