الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ونكول المعين : غير معتبر ، بخلاف غيره ، ولو بعدوا :

التالي السابق


( و نكول ) العاصب ( المعين ) بضم الميم وكسر العين للولي على القسامة عنها ( غير معتبر ) في إسقاط الدم لأنه لا حق له فيه ولأنه قد يرشي وللولي الاستعانة بعاصب آخر ، فإن لم يجد بطل الدم ( بخلاف ) نكول ( غيره ) أي المعين من الأولياء فيبطل الدم إن لم يبعد ، بل ( وإن بعدوا ) أي الناكلون كأبناء الأبناء والأعمام معهم فيسقط الدم على المشهور وصرح به الباجي قاله تت . طفي تبع فيه قول الشارح لا خلاف في هذا إذا كان [ ص: 185 ]

الأولياء في القعدد سواء أولاد كلهم أو إخوة أو نحو ذلك ، واختلف في غيرهم كالأعمام مع بنيهم ونحو ذلك فالمشهور سقوط القود أيضا نص عليه الباجي ، وقيل لا يسقط إلا باجتماعهم . ا هـ . فجعل الخلاف المشار له بلو إذا اختلفوا في القعدد وهو وهم منه ، بل المسألة كلها مفروضة فيما إذا استووا في القعدد ، وما قبل المبالغة إذا قربوا كبنين فقط أو إخوة وما بعدها إذا بعدوا كأعمام فقط ، هكذا المسألة مفروضة في كلام الأئمة كاللخمي وابن شاس وابن الحاجب وابن عرفة وغير واحد ، والعجب من الشارح لأن المسألة محررة في ابن عبد السلام وهو من محفوظاته ، والعذر له أنه وقع خلل في عبارة التوضيح فسرى له الوهم منه ، ونصه في قول ابن الحاجب فأما نكول غير المعين ، فإن كان من الولد أو الإخوة سقط القود ، وكذا غيرهم على المشهور .

وأما نكول غير الأولياء الذين هم في القعدد سواء ، فإن كان أولادا أو إخوة سقط القود بالاتفاق ، واختلف في غيرهم كالأعمام وبنيهم ومن هو أبعد والمشهور سقوط القود أيضا . ا هـ . كذا في غير واحدة من نسخ التوضيح التي وقفت عليها والصواب أن يقول وأما نكول غيره من الأولياء الذين هم في القعدد سواء ، ولعل التصحيف من الناسخ ونص اللخمي مالك وابن القاسم رضي الله تعالى عنهما إذا كان الأولياء بنين أو بني بنين أو إخوة فنكل أحدهم ردت الأيمان على القاتل ، واختلف عنه إذا كانت الأولياء عمومة أو بني عمومة أو أبعد منهم من العصبة فنكل بعضهم مرة الجواب فيهم كالبنين ، وقال أيضا لمن لم ينكل عن الأيمان إذا كانوا اثنين فصاعدا أن يحلفوا أو يقتلوا لأنهم عنده لا عفو لهم إلا باجتماعهم بخلاف البنين . ا هـ . وأشار بتعليله لقوله في موضع آخر إذا أقسم ولاة الدم ووجب القود فعفا بعضهم بعد القسامة وهم بنون أو بنو بنين أو إخوة صح عفوهم وسقط القصاص .

واختلف إذا كانوا عمومة أو بني عمومة ، فقال مالك وابن القاسم رضي الله تعالى عنهما يصح عفوهم ، وروى أشهب عن مالك رضي الله تعالى عنهما في كتاب محمد أنه لا [ ص: 186 ] يصح إلا باجتماعهم . ا هـ . ولما نقل ابن عرفة كلامه المتقدم قال في فهم تعليله إشكال ، وأنت إذا تأملت علمت أنه لا إشكال فيه ، وأنه واضح ، فما أدري ما خفي عن ابن عرفة منه فقد ظهر لك تحرير المسألة ، وأن تقرير الشارح ومن تبعه قوله ونكول المعين غير معتبر ، غير معتبر ، واسترسل تت في تقريره حتى قال في كبيره وظاهر كلام المصنف سواء كانت رتبتهم واحدة كأولاد أو إخوة أو أعمام أو اختلفت كابن وعم البناني .

( تنبيهات )

الأول : الذي رأيته في نسخ عديدة من التوضيح وأما نكول بعض الأولياء الذين هم في القعدد سواء إلخ ، ولم أر النسخة التي ذكرها طفي ، وحينئذ فلا اختلال في عبارته بحال .

الثاني : لما نقل طفي قول ابن عرفة المتقدم عقب كلام اللخمي في فهم تعليله إشكال ، قال ما نصه إذا تأملت علمت أنه لا إشكال فيه ، وأنه واضح ، فما أدري ما خفي على ابن عرفة منه ، وذلك لأن اللخمي أشار بتعليله إلى قوله في موضع آخر إذا أقسم ولاة الدم ووجب القود فعفا بعضهم بعد القسامة وهم بنون أو بنو بنين أو إخوة صح عفوهم وسقط القصاص . واختلف إذا كانوا عمومة أو بني عمومة فقال مالك وابن القاسم يصح عفوهم . وروى أشهب عن مالك في كتاب محمد أنه لا يصح إلا باجتماعهم ا هـ . قلت تعليله أولا بقوله لأنهم عنده لا عفو إلا باجتماعهم يقتضي أن ذلك هو المذهب عنده في العفو من غير خلافه عنه ، وما نقله اللخمي في هذا الموضع يدل على أنها رواية شاذة عنه ، فالإشكال باق ، والله أعلم .

الثالث : نقل " ق " القول المردود بلو على غير الوجه المتقدم ونصه أولياء الدم إن كانوا أعماما أو أبعد منهم ، فجعلهم الإمام مالك رضي الله تعالى عنه مرة كالبنين ، ومرة قال إن رضي اثنان كان لهما أن يحلفا ويستحقا حقهما من الدية . ا هـ . والذي في كلام اللخمي وابن عرفة وضيح وغيرهم هو ما تقدم من أنه إذا رضي اثنان كان لهما أن يحلفا ويقتلا ولم يذكروا ما ذكره من استحقاق الدية ، والله أعلم .




الخدمات العلمية