الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
ذكر الحث على إعطاء السؤال وطلب المعالي

حدثنا محمد بن صالح الطبري بالصيمرة ، حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء الهمداني ، حدثنا مصعب بن المقدام ، حدثنا سفيان ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر، قال: ما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - شيئا قط فقال: لا، ولا ضرب بيده شيئا قط.

قال أبو حاتم - رضي الله عنه - : إني لأستحب للمرء طلب المعالي من الأخلاق، مع ترك رد السؤال؛ لأن عدم المال خير من عدم محاسن الأخلاق، والندامة موكلة بترك معالجة الفرصة، وإن الحر - حق الحر - من أعتقته الأخلاق الجميلة، كما أن أسوأ العبيد من استعبدته الأخلاق الدنية، ومن أفضل الزاد في [ ص: 253 ] المعاد اعتقاد المحامد الباقية، ومن لزم معالي الأخلاق أنتج له سلوكها فراخا تطير بالسرور.

ولقد حدثني محمد بن سعيد القزاز ، حدثنا هارون بن صدقة القاضي ، حدثنا المسيب بن واضح يقول: سمعت يوسف بن أسباط يقول: ما كان المال مذ كانت الدنيا أنفع منه في هذا الزمان.

وأنشدني محمد بن عبد الله بن زنجي البغدادي:


بادر هواك إذا هممت بصالح خوف العوائق أن تجيء فتغلب     وإذا هممت بسيئ فتعده
وتجنب الأمر الذي يتجنب



قال أبو حاتم - رضي الله عنه - : ما ضاع مال ورث صاحبه مجدا، ولولا المتفضلون مات المتجملون، وليس يستحق المرء اسم الكرم بالكف عن الأذى إلا أن يقرنه بالإحسان إليهم، فمن كثر في الخير رغبته، وكان اصطناع المعروف همته، قصده الراجون، وتأمله المتأملون، ومن كان عيشه وحده، ولم يعش بعيشه غيره، فهو وإن طال عمره قليل العمر، والبائس من طال عمره في غير الخير، ومن لم يتأس بغيره في الخير كان عاجزا، كما أن من استحسن من نفسه ما يستقبحه من غيره كان كالغاش لمن تجب عليه نصيحته، ومن لم يكن له همة إلا بطنه وفرجه عد من البهائم، والهمة تبلغ الرتبة العالية؛ لأن الناس بهمتهم.

ولقد حدثنا عمرو بن محمد الأنصاري ، حدثنا الغلابي ، حدثنا ابن عائشة، قال: قال عبيد الله بن زياد بن ظبيان: كان لي خال من كلب، فكان يقول لي: يا عبيد الله، هم؛ فإن الهمة نصف المروءة.

وأنشدني محمد بن إسحاق الواسطي:


قد بلونا الناس في أخلاقهم     فرأيناهم لذي المال تبع
وحبيب الناس من أطمعهم     إنما الناس جميعا بالطمع



التالي السابق


الخدمات العلمية