الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
حدثنا محمد بن سعيد القزاز ، حدثنا إبراهيم بن الجنيد قال: قال لي أبو طاهر بن السرح قال: حدثني خالي أبو رجاء عبد الرحمن بن عبد الحميد ، عن سعيد بن أبي أيوب قال: لا تصاحب صاحب السوء، فإنه قطعة من النار، لا يستقيم وده ولا يفي بعهده.

[ ص: 120 ] وأنشدني المنتصر بن بلال الأنصاري :


لن يسمع الأحمق من واعظ في رفعه الصوت وفي همه     لن تبلغ الأعداء من جاهل
ما يبلغ الجاهل من نفسه     والحمق داء، ما له حيلة
ترجى، كبعد النجم في لمسه



قال أبو حاتم رضي الله عنه: أظلم الظلمات الحمق،كما أن أنفذ البصائر العقل، فإذا امتحن المرء بعشرة الأحمق كان الواجب عليه اللزوم لأخلاق نفسه، والمباينة لأخلاقه، مع الإكثار من الحمد لله على ما وهب له من الانتباه لما حرم غيره التوفيق له، فإن جرى الأحمق في صحبته ميدانه في عشرته فالواجب على العاقل لزوم السكوت حينئذ في أوقاته، لأن أبا حمزة محمد بن عمر بن يوسف أنبأنا بنسا حدثنا نصر بن علي الجهضمي ، حدثنا ابن داود قال: سمعت الأعمش يقول: السكوت للأحمق جواب.

قال أبو حاتم رضي الله عنه: وإن من الحمقى من لا يصده عن سلوكه السكوت عنه، ولا يدفعه عن دخول المكامن الإغضاء عنه ولا ينفعه.

فالعاقل إذا امتحن بعشرة من هذا نعته تكلف بعض التجاهل في الأحايين; لأن بعض الحلم إذعان ،كما أن استعماله في بعض الحالات قطب العقل.

ولقد أنشدني محمد بن إسحاق الواسطي :


لئن كنت محتاجا إلى الحلم إنني     إلى الجهل في بعض الأحايين أحوج
ولي فرس للحلم بالحلم ملجم     ولي فرس للجهل بالجهل مسرج
فمن شاء تقويمي فإني مقوم     ومن شاء تعويجي فإني معوج
وما كنت أرضى الجهل خدنا ولا أخا     ولكنني أرضى به حين أحرج
فإن قال بعض الناس: فيه سماجة ،     فقد صدقوا، والذل بالحر أسمج



وأنشدني علي بن محمد البسامي:

[ ص: 121 ]

لن ترضي الرذل إلا حين تسخطه     وليس يسخط إلا حين ترضيه
ولا يسوءك إلا حين تكرمه     ولا يسرك إلا حين تقصيه



التالي السابق


الخدمات العلمية