الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
حدثنا محمد بن المهاجر ، حدثنا محمد بن أحمد بن النضر المعني ، حدثني سعيد، حدثني أبوك - يعني أباه أحمد بن النضر - قال: كان بالكوفة قوم من العرب، فأصابت رجلا منهم حاجة، فكان عياله يغزلون، ويبيعون، وكان يشركهم، فقالوا: لا تعود علينا بشيء، وما نكسب تشركنا فيه؟! فأنف من قولهم، فخرج يؤم بغداد، ولم يدخل بغداد قبل ذلك، وليس له حميم، ولا قريب بها، فدخلها، ومر على وجهه، فمر على باب يعقوب بن داود كاتب المهدي، فرأى قوما جلوسا عليهم بزة، فقال: ما أخلق هؤلاء دعوا إلى وليمة، لو دخلت معهم لعلي أصيب شبعة، فاندس معهم، فخرج الإذن، فقال: ادخلوا، فدخلوا إلى دار قوراء كبيرة، وإذا بهو في صدر الدار، فجلسوا في البهو يمنة ويسرة، وأخلوا الصدر، فجاء يعقوب، فسلم عليهم، وقعد، ثم قال: يا غلام، هات، فجاء بصوان عليها مناديل مغطى بها، وإذا فيها أكياس، فقال: أعطهم، فوضعوا في حجر كل رجل منهم كيسا، ووضعوا في حجري كيسا، حتى فرغ منهم، ثم قال: أعد عليهم، فوضع في حجر كل رجل منهم كيسا، ووضعوا في حجري كيسا، حتى والى بين خمسة أكياس، ثم قال: قوموا مبارك لكم، وقد تعينه الخدم، وليس [ ص: 258 ] له عندهم اسم، ولم يعرفوه، فلما بلغ الدهليز ربطوه، فصاح، وصاحوا، وسمع يعقوب الصوت، فقال: ما هذا؟ فقالوا: رجل دخل مع هؤلاء القوم لا نعرفه، فقال: علي به، فقال له: يا عبد الله، ما أدخلك هذه الدار؟ فقص عليهم القصة، والسبب الذي دخل له، فقال له: من أين أنت؟ قال: من أهل الكوفة، قال: من يعرفك بالكوفة؟ قال: يعرفني فلان وفلان، فسمى له قوما يعرفهم، فقال: خلوا عن الرجل إنا كاتبون إلى هؤلاء القوم، فإن كان الأمر على ما ذكرت، فتعال كل سنة في هذا الوقت، ولك عندنا مثل هذا، وكتب إلى القوم، فسألهم، فكتبوا بمعرفته، فكان يجيء أيام حياته فيأخذ خسمة آلاف وينصرف.

التالي السابق


الخدمات العلمية