الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
أنبأنا إبراهيم بن نصر العنبري ، حدثنا علي بن الأزهر الرازي ، حدثنا إبراهيم بن رستم، قال: سمعت ابن المبارك يقول: دعانا عبد الله بن عون إلى طعامه، فكنا نأكل، فجاءت الخادم ومعها صحفة، فعثرت في ثوبها، فسقطت الصحفة من يدها، فقال لها ابن عون: مترس آزادي.

حدثنا عمرو بن محمد ، حدثنا الغلابي ، حدثنا ابن عائشة، قال: قال محمد بن [ ص: 212 ] السعدي لابنه عروة لما ولي اليمن: إذا غضبت فانظر إلى السماء فوقك، وإلى الأرض تحتك، ثم عظم خالقهما.

قال أبو حاتم - رضي الله عنه - : الواجب على العاقل إذا غضب واحتد أن يذكر كثرة حلم الله عنه مع تواتر انتهاكه محارمه، وتعديه حرماته، ثم يحلم، ولا يخرجه غيظه إلى الدخول في أسباب المعاصي.

والناس على ضروب ثلاثة: رجل أعز منك، ورجل أنت أعز منه، ورجل ساواك في العز، فالتجاهل على من أنت أعز منه لؤم، وعلى من هو أعز منك جنف، وعلى من هو مثلك هراش كهراش الكلبين، ونقار كنقار الديكين، ولا يفترقان إلا عن الخدش، والعقر، والهجر، ولا يكاد يوجد التجاهل وترك التحالم إلا من سفيهين، ولقد أحسن الذي يقول:


ما تم حلم ولا علم بلا أدب ولا تجاهل في قوم حليمان     وما التجاهل إلا ثوب ذي دنس
وليس يلبسه إلا سفيهان



وأنشدني ابن زنجي البغدادي:


وما شيء أسر إلى لئيم     إذا شتم الكرام من الجواب
متاركة اللئيم بلا جواب     أشد عليه من مر العذاب



وأنشدني الكريزي:


تجرد ما استطعت من السفيه     بحسن الحلم إن العز فيه
فقد يعصي السفيه مؤدبيه     ويبرم باللجاجة منصفيه
تلين له فيغلظ جانباه     كعير السوء يرمح عالقيه



التالي السابق


الخدمات العلمية