الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
حدثنا محمد بن يحيى العمي ببغداد، حدثنا الصلت بن مسعود ، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا أيوب، قال: قال لي أبو قلابة: الزم السوق؛ فإن الغنى من العافية.

قال أبو حاتم - رضي الله عنه - : ليس خلة هي للغني مدح إلا وهي للفقير عيب، فإن كان الفقير حليما قيل: بليد، وإن كان عاقلا قيل: مكار، وإن كان بليغا قيل: مهذار، وإن كان ذكيا قيل: حديد، وإن كان صموتا قيل: عيي، وإن [ ص: 227 ] كان متأنيا قيل: جبان، وإن كان عازما قيل: جريء، وإن كان جوادا قيل: مسرف، وإن كان مقدرا قيل: ممسك.

وشر المال ما اكتسب من حيث لا يحل، وأنفق فيما لا يجمل، ووجوده وعدمه ليسا بتجلد، ولا بكثرة حيلة، ولكنه أقسام، ومواهب من الخلاق العليم، ولقد أنشدني الأبرش:


يشقى رجال، ويشقى آخرون بهم ويسعد الله أقواما بأقوام     وليس رزق الفتى من حسن حيلته
لكن جدود بأرزاق وأقسام     كالصيد يحرمه الرامي المجيد، وقد
يرمي فيرزقه من ليس بالرامي



حدثني محمد بن سعيد القزاز ، حدثنا أحمد بن داود بن موسى العطار ، حدثنا أحمد بن نصر العدني ، حدثنا المندني، قال: قال أبو قيس بن معديكرب، وكان له أحد عشر ذكرا: يا بني، اطلبوا هذا المال أجمل الطلب، واصرفوه في أحسن مذهب، صلوا به الأرحام، واصطنعوا به الأقوام، واجعلوه جنة لأعراضكم تحسن في الناس قالتكم، فإن جمعه كمال الأدب، وبذله كمال المروءة، حتى إنه ليسود غير السيد، ويقوي غير الأيد، وحتى إنه ليكون في أنفس الناس نبيها، وفي أعينهم مهيبا، ومن جمع مالا فلم يصن عرضا، ولم يعط سائلا، بحث الناس عن أصله، فإن كان مدخولا هتكوه، وإن كان صحيحا نسبوه إما إلى عرض دنية، وإما إلى لوص لئيم؛ حتى يهجنوه.

[ ص: 228 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية