الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5480 ص: حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: ثنا عبد الله بن وهب ، قال أخبرني عمرو بن الحارث، أن أبا النضر حدثه، أن بسر بن سعيد حدثه، عن معمر بن عبد الله: "أنه أرسل غلاما له بصاع من قمح ( فقال: بعه واشتر به شعيرا، فذهب الغلام فأخد صاعا وزيادة بعض صاع، فلما جاء معمر أخبره، فقال له معمر: : لم فعلت؟ انطلق فرده ولا تأخذ إلا مثلا بمثل؛ فإني كنت أسمع رسول الله -عليه السلام- يقول: الطعام بالطعام مثلا بمثل، فكان طعامنا يومئذ الشعير، قيل له: فإنه ليس مثله، قال: إني أخاف أن يضارعه". )

                                                التالي السابق


                                                ش: إسناده صحيح على شرط الشيخين وأبو النضر -بالنون والضاد المعجمة- سالم بن أبي أمية القرشي التيمي المدني، روى له الجماعة وبسر -بضم الباء الموحدة وسكون السين المهملة- ابن سعيد المدني العابد، روى له الجماعة.

                                                وأخرجه مسلم : نا هارون بن معروف، قال: نا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني عمرو (ح).

                                                وحدثني أبو الطاهر، قال: أنا ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث ... إلى آخره نحوه سواء.

                                                قوله: "غلاما له" وفي بعض الرواية: وغلامه وهي الأصح، وكذا وقع في "صحيح مسلم" على الاختلاف.

                                                قوله: "بصاع من قمح" قد فسرنا الصاع في كتاب الزكاة: أنه مكيال يسع أربعة أمداد، والمد مختلف فيه، فقيل: هو رطل وثلث بالعراقي، وبه يقول الشافعي وفقهاء الحجاز.

                                                [ ص: 327 ] وقيل: هو رطلان، وبه أخذ أبو حنيفة، وفقهاء العراق، فيكون الصاع خمسة أرطال وثلثا، أو ثمانية أرطال.

                                                قوله: "ثم اشتر به شعيرا" أي ثم اشتر بالقمح شعيرا، والمعنى بع القمح وخذ عوض ثمنه شعيرا، لا أنه يبيع القمح بثمن ثم يأخذ بذلك الثمن شعيرا؛ فإن في هذه الصورة يجوز الزيادة بالإجماع، وإنما الخلاف فيما إذا بيع القمح بالشعير بأن يصير أحدهما مبيعا والآخر ثمنا؛ فإنه يجوز متفاضلا خلافا لمالك على ما يجيء الآن.

                                                وعلى هذا عرفت أن قول عياض في شرح "صحيح مسلم"، وقوله في حديث معمر بن عبد الله أنه أرسل غلاما له بصاع قمح ليبيعه ويشتري بثمنه شعيرا، وأنه أخذ به صاعا وزيادة ... إلى أن قال: فيه حجة للمالكية في جعلهما واحدا، كلام صادر من غير ترو ولا تأمل وذلك لأنه إذا باع القمح بثمن ثم اشترى بذلك الثمن شعيرا أكثر من ذلك القمح فإنه يجوز بلا خلاف، فكيف يصور هذه الصورة ثم يقول فيه حجة للمالكية وإنما العبارة الصحيحة ما ذكرنا فافهم.

                                                قوله: "فلما جاء معمر" ووقع في بعض نسخ "مسلم": "فلما جاء معمرا" بنصب معمر، فوجهه إن صح فيكون منصوبا على المفعولية ويكون الضمير الذي في جاء كناية عن الغلام، وفي رواية الرفع التي هي كما قد وقعت أيضا في رواية الطحاوي يكون ارتفاع معمر بقوله: "جاء به".

                                                قوله: "مثلا بمثل" حال، وتقديره الطعام بالطعام يجوز حال كونهما متماثلين.

                                                قوله: "أن يضارعه" أي أن يشابهه، من المضارعة وهي المشابهة.




                                                الخدمات العلمية