الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                4481 4482 4483 ص: حدثنا أبو بكرة ، قال: ثنا مؤمل ، قال: ثنا سفيان ، عن عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير: ، " أن رجلا سأل ابن عباس ، أن رجلا طلق امرأته مائة، فقال: ثلاث تحرمها عليه، وسبعة وتسعون في رقبته؛ إنه اتخذ آيات الله هزوا".

                                                حدثنا علي بن شيبة ، قال: ثنا أبو نعيم ، قال: ثنا إسرائيل ، عن عبد الأعلى ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، مثله.

                                                [ ص: 58 ] حدثنا ابن مرزوق ، قال: ثنا وهب ، قال: ثنا شعبة ، عن ابن أبي نجيح ، وحميد الأعرج ، عن مجاهد: " ، أن رجلا قال لابن عباس: : رجل طلق امرأته مائة، فقال: عصيت ربك وبانت منك امرأتك؛ لم تتق الله فيجعل لك مخرجا من يتق الله يجعل له مخرجا قال الله -عز وجل-: إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن في قبل عدتهن".

                                                التالي السابق


                                                ش: هذه ثلاث طرق أخرى عن ابن عباس، وهي صحاح:

                                                الأول: عن أبي بكرة بكار القاضي ، عن مؤمل بن إسماعيل القرشي ، عن سفيان الثوري ، عن عمرو بن مرة بن عبد الله المرادي الجملي أبي عبد الله الكوفي الأعمى، أحد مشايخ أبي حنيفة، وروى له الجماعة.

                                                وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" : ثنا وكيع ، عن سفيان، قال: حدثني عمرو بن مرة ، عن سعيد بن جبير قال: "جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إني طلقت امرأتي ألفا -أو مائة- قال: بانت منك بثلاث، وسائرهن وزر، اتخذت آيات الله هزوا".

                                                "الهزء" بضم الهاء والزاي وبتسكين الزاي أيضا: السخرية، تقول منه: هزئت منه وهزئت به، وعن الأخفش: استهزأت به وهزأت به -بالفتح أيضا- هزوا ومهزاء.

                                                وإنما قال ابن عباس هذا القول؛ إنكارا عليه في طلاقه بمائة طلقة أو بألف طلقة؛ لأنه كلام لا يعتد به في الوقوع بأكثر من ثلاث طلقات؛ لأن الله تعالى شرع في كتابه ثلاث طلقات بقوله: الطلاق مرتان ثم قال: فإن طلقها أي الثالثة، فإذا ذكر أكثر من ذلك يكون آتيا بما ليس في كتاب الله، فيكون كالمستهزئ.

                                                [ ص: 59 ] الثاني: عن علي بن شيبة ، عن أبي نعيم الفضل بن دكين شيخ البخاري ، عن إسرائيل بن يونس ، عن عبد الأعلى بن عامر الثعلبي -بالثاء المثلثة والعين المهملة- الكوفي، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس نحو الأثر المذكور.

                                                وعبد الأعلى هذا وإن كان ضعفه أحمد فقد وثقه غيره، وروى له الأربعة. وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" : ثنا وكيع ، عن إسرائيل ، عن عبد الأعلى ، عن إبراهيم، عن عبيدة وعن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قالا: "إذا طلقها ثلاثا قبل أن يدخل بها فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره".

                                                الثالث: عن إبراهيم بن مرزوق ، عن وهب بن جرير ، عن شعبة ، عن عبد الله بن أبي نجيح يسار المكي وحميد الأعرج، كلاهما عن مجاهد .

                                                وأخرجه البيهقي في "سننه" من حديث عمرو بن مرزوق، أنا شعبة ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد، عن ابن عباس: "أنه سئل عن رجل طلق امرأته مائة تطليقة، قال: عصيت ربك وبانت منك امرأتك؛ لم تتق الله فيجعل لك مخرجا، ثم قرأ يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن في قبل عدتهن".

                                                قوله: "عصيت ربك"؛ لأنه خالف السنة في الإيقاع.

                                                قوله: "وبانت منك امرأتك" دليل على وقوع الثلاث بهذه اللفظة، وما فوق الثلاث لغو.

                                                قوله: "لم تتق الله" أي لم تخف الله "فيجعل لك مخرجا" فيما إذا أراد إعادة امرأته؛ لأنه سد عليه باب الإعادة إلا بعد زوج آخر.

                                                [ ص: 60 ] قوله: "في قبل عدتهن" قراءة قرأ بها ابن عباس وابن عمر ومجاهد وآخرون، والمعنى في استقبال عدتهن.




                                                الخدمات العلمية