الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                5605 ص: فإن قال قائل: لو كان تأويل هذه الآثار ما ذهب إليه أبو حنيفة، لما كان لذكر الرخصة فيها معنى.

                                                قيل له: بل له معنى صحيح، ولكن قد اختلف فيه، ما هو؟

                                                فقال عيسى بن أبان: : معنى الرخصة في ذلك أن الأموال كلها لا نملك بها أبدالا إلا من كان مالكها لا يبيع الرجل ما لا يملك ببدل، فيملك ذلك البدل، فإنما يملك ذلك البدل إذا ملكه بصحة ملكه للشيء الذي هو بدل منه.

                                                قال: فالمعرى لم يكن يملك العرية، ، لأنه لم يكن قبضها، والتمر الذي يأخذه بدلا منها، فقد جعل طييا له في هذا الحديث، وهو بدل من رطب لم يكن ملكه.

                                                قال: فهذا هو الذي قصد بالرخصة إليه.

                                                [ ص: 514 ] وقال غيره: الرخصة أن الرجل إذا عرى الرجل الشيء من ثمره، ، فقد وعد أن يسلمه إليه ليملكه المسلم إليه بقبضه إياه، وعلى الرجل في دينه أن يفي بوعده، وإن كان غير مأخوذ به في الحكم، فرخص للمعري أن يحبس ما أعرى بأن يعطي المعرى خرصه تمرا بدلا منه من غير أن يكون آثما، ولا في حكم من أخلف موعدا، فهذا موضع الرخصة.

                                                التالي السابق


                                                ش: تقرير السؤال أن يقال: أحاديث العرايا ذكرت بالرخصة، والرخصة لا تكون إلا في شيء محرم، والعرايا لو كانت عطية على ما أوله أبو حنيفة لم يكن لذكر الرخصة فيها فائدة ولا معنى؛ لأن الرخصة لا دخل لها في العطايا والهبات، فذكر الرخصة يدل على أنها بيع مستثنى من البيوع المحرمة.

                                                وقد أجاب عنه الطحاوي بجوابين:

                                                أحدهما: عن عيسى بن أبان، والآخر: عن غيره، وكلاهما ظاهر.

                                                قوله: "قال: فالمعرى" بفتح الراء.

                                                قوله: "وقال غيره" أي غير عيسى بن أبان .

                                                قوله: "وعلى الرجل في دينه أن يفي بوعده" لورود النصوص من الكتاب والسنة على الحث والتحريض بوفاء المواعيد.

                                                قوله: "فرخص للمعري" بكسر الراء.

                                                قوله: "بأن يعطي المعرى" بفتح الراء.




                                                الخدمات العلمية