الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وتسن البداءة بأولاد المهاجرين ) جمع مهاجر اسم فاعل من هاجر بمعنى هجر ثم غلب على الخروج من أرض إلى [ ص: 102 ] أخرى وتطلق الهجرة بأن يترك الرجل أهله وماله ، وينقطع بنفسه إلى مهاجرة .

                                                                                                                      ولا يرجع من ذلك بشيء ، وهجرة الأعراب وهي أن يدع البادية ويغزو مع المسلمين وهي دون الأول في الأجر والمراد هنا أولا : المهاجرين الذين هجروا أوطانهم وخرجوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم جماعة مخصوصون فيقدم منهم ( الأقرب فالأقرب من رسول الله صلى الله عليه وسلم ) لما روى أبو هريرة قال " قدمت على عمر ثمانية آلاف درهم فلما أصبح أرسل إلى نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم : قد جاء الناس ما لم يأتهم مثله مذ كان الإسلام ، أشيروا علي بمن أبدأ ؟ قالوا : بك يا أمير المؤمنين إنك ولي ذلك قال لا ولكن أبدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم الأقرب فالأقرب فوضع الديوان على ذلك " ( فيبدأ من قريش ببني هاشم ) لأنهم أقربهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ثم بني المطلب ) لقوله عليه الصلاة والسلام { إنما بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد وشبك بين أصابعه } ( ثم بني عبد شمس ) لأنه هو وهاشم أخوان لأب وأم ( ثم بني نوفل ) لأنه أخو هاشم لأبيه ( ثم يعطى بنو عبد العزى ) ; لأن فيهم أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن خديجة منهم ( ثم بني عبد الدار ) ثم الأقرب فالأقرب ( حتى تنقضي قريش ) لما تقدم عن عمر ( وقريش بنو النضر بن كنانة وقيل بنو فهر بن مالك بن النضر بن كنانة ) قاله في الشرح واقتصر عليه في المبدع : وقال الموفق في التبيين : هم بنو النضر بن كنانة على ما قال صلى الله عليه وسلم { نحن بنو النضر بن كنانة } وأطلق القولين في المنتهى ( ثم أولاد الأنصار ) وهم الحيان الأوس والخزرج وقدموا على غيرهم لسابقتهم وآثارهم الجميلة ( ثم سائر العرب ) لفضلهم على من سواهم ( ثم العجم ثم الموالي ) أي : العتقاء ليحصل التعميم بالدفع ( وللإمام أن يفاضل بينهم بحسب المسابقة ) في الإسلام ( ونحوها ) كالشجاعة وحسن الرأي .

                                                                                                                      وهذا قول عمر وعثمان قال عمر : " لا أجعل من قاتل على الإسلام كمن قوتل عليه " ولأنه قسم النفل بين أهله متفاضلا على قدر غنائهم وهذا معناه " وقد فرض عمر لكل واحد من المهاجرين من أهل بدر خمسة آلاف ولأهل بدر من الأنصار أربعة آلاف أربعة آلاف ، وفرض لأهل الحديبية ثلاثة آلاف ثلاثة آلاف ، ولأهل الفتح ألفين ألفين " ولم يفضل أبو بكر وعلي .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية