الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ولا يصح بيع ما فتح عنوة ولم يقسم ، وتصح إجارته ) وكذا الأرض التي جلا عنها أهلها خوفا منا أو صولحوا على أنها لنا ، ولنا الخراج عنها بخلاف ما فتحت صلحا على أنها لهم ، أو فتحت عنوة - وقسمت بين الغانمين كنصف خيبر أو أسلم أهلها عليها كالمدينة فيصح بيعها والذي فتح عنوة ولم يقسم ( كأرض الشام والعراق ومصر ونحوها ) فتصح إجارتها ممن هي بيده دون بيعها ( ; لأن عمر رضي الله عنه وقفها على المسلمين وأقرها في أيدي أربابها بالخراج الذي ضربه أجرة لها في كل عام ولم يقدر ) عمر ( مدتها ) أي : مدة الإجارة ( لعموم المصلحة فيها ) قاله في الكافي وغيره ، قال وقد اشتهر ذلك في قصص نقلت عنه .

                                                                                                                      ( ويصح بيع المساكن ) من أرض العنوة ( الموجودة حال الفتح ، أو حدثت بعده وآلتها ) أي المساكن ( منها ) أي : من أرض العنوة ( أو من غيرها ) ; لأن الصحابة اقتطعوا الخطط في الكوفة والبصرة في زمن عمر [ ص: 159 ] وبنوا مساكن وتبايعوها من غير نكير فكان كالإجماع وقدم في الفروع : أنه يجوز بيع بناء ليس منها ( كبيع غرس محدث ) فيها فإنه يصح ; لأنه مملوك لغارسه وكلامه هنا كالفروع يقتضي أن الغرس الموجود حال الفتح لا يصح بيعه وإنه يتبع الأرض في الوقف لكن تقدم في الأرضين المغنومة أنه أوجب الزكاة في ثمرتها على من تقر بيده كالمتجدد فعليه تكون ملكا له فيصح بيعها .

                                                                                                                      ( وكذا إن رأى الإمام المصلحة في بيع شيء منها ) مثل أن يكون في الأرض ما يحتاج إلى عمارة ولا يعمرها إلا من يشتريها ( فباعه أو وقفه أو أقطعه إقطاع تمليك ) فيصح ذلك كله ; لأن فعل الإمام كحكمه بذلك يصح كبقية المختلف فيه هذا معنى ما علل به في المغني صحة البيع منه وهو يقتضي أن محل ذلك إذا كان الإمام يرى صحة بيعه أو وقفه ، وإلا ينفذ حكم حاكم بما يعتقد خلافه وفي صحة الوقف نظر ; لأن الأرض إما موقوفة فلا يصح وقفها ثانيا أو فيء لبيت المال والوقف شرطه أن يكون من مالك إلا أن يقال إن الوقف هنا من قبيل الإرصاد والإفراز لشيء من بيت المال على بعض مستحقيه ، ليصلوا إليه بسهولة كما أوضحته في الحاشية .

                                                                                                                      ( وقال في الرعاية في حكم الأراضي المغنومة : وله ) أي : الإمام ( إقطاع هذه الأرض ) أي التي فتحت عنوة ولم تقسم ( والدور والمعادن إرفاقا لا تمليكا ويأتي ) .

                                                                                                                      وقال في المغني في باب زكاة الخارج من الأرض : وحكم إقطاع هذه الأرض حكم بيعها وقدم في البيع أنه لا يجوز وقال أيضا ولا يخص أحد بملك شيء منها ، ولو جاز تخصيص قوم بأصلها لكان الذين فتحوها أحق بها .

                                                                                                                      ( ومثله ) أي : مثل الإمام لها في صحته ( لو بيعت وحكم بصحته حاكم يراه قاله الموفق وغيره ) كبقية المختلف فيه ( إلا أرضا من العراق فتحت صلحا على أنها لهم ) أي : لأهلها فيصح بيعهم لها لملكهم إياها وسمي عراقا لامتداد أرضه وخلوها من جبال مرتفعة وأودية منخفضة .

                                                                                                                      قال السامري : ( وهي ) أي الأرض المذكورة ( الحيرة ) بكسر الحاء مدينة بقرب الكوفة والنسبة إليها حيري وحاري على غير قياس قاله الجوهري ( وأليس ) بضم الهمزة وتشديد اللام بعدها ياء ساكنة ثم سين مهملة مدينة بالجزيرة ( وبانقيا ) بزيادة ألف بين الباء والنون المكسورة ، ثم قاف ساكنة تليها ياء مثناة تحت ، ناحية بالنجف دون الكوفة ( وأرض بني صلوبا ) بفتح الصاد المهملة وضم اللام بعدها واو ساكنة تليها باء موحدة فهذه الأماكن فتحت صلحا لا عنوة [ ص: 160 ] فيصح بيعها ومثلها الأرض التي لو أسلم أهلها عليها كأرض المدينة فإنها ملك أربابها ( ولا يصح بيع وقف غيره ) أي : غير ما فتح عنوة ولم يقسم ( ونفعه والمراد منه باق ) جملة حالية أي : في حال بقاء نفعه المقصود ، فإن تعطل جاز بيعه ( ويأتي في الوقف ) بأتم من هذا .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية