الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - وأجيب بأنه تقدير مستحيل ، فلذلك يستبعد منع إيثار الصدق . ولو سلم [ فلا يلزم ] في الغائب ; للقطع بأنه لا يقبح من الله تمكين العبد من المعاصي ويقبح منا .

            التالي السابق


            ش - أجاب المصنف عنه بأن تقدير استواء الصدق والكذب في المقصود مع قطع النظر عن الغير تقدير مستحيل ; لأن الصدق والكذب متنافيان . ومن المحال تساوي المتنافيين في جميع الصفات .

            فلذلك ، أي فلأجل ذلك التقدير المستحيل يستبعد العقل منع إيثار الصدق ، [ لا يلزم ] من استبعاد العقل منع إيثار الصدق على ذلك التقدير استبعاده في نفس الأمر . وإنما يلزم ذلك أن لو كان ذلك التقدير واقعا في نفس الأمر ، وهو ممنوع .

            ولئن سلمنا أن ذلك التقدير ممكن . فيكون دليلا على حسن الصدق في حق الشاهد ، فلا نسلم حسنه في حق الغائب ; إذ لا يستبعد منه إيثار الصدق بالنسبة إلى الغائب . والنزاع إنما وقع في الحسن والقبح للأفعال بالنسبة إلى أحكام الله ، ولا يمكن قياس حسن [ ص: 308 ] الصدق في حق الله تعالى ، الذي هو الغائب ، على حسن الصدق في الشاهد . فإنا نقطع بأنه لا يقبح من الله تعالى تمكين العبد من المعاصي ; لأنه واقع ، ولو كان قبيحا لم يقع ; لامتناع صدور القبيح من الله تعالى ويقبح منا تمكين الغير من المعصية .

            وإذا جاز أن يكون الشيء قبيحا بالنسبة إلينا ، غير قبيح بالنسبة إليه لم يمكن قياس حسن الصدق في حق الله تعالى على حسنه في حقنا .




            الخدمات العلمية