الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - القاضي : ما يذم تاركه شرعا بوجه ما .

            وقال : " بوجه ما " ليدخل الواجب الموسع والكفاية . حافظ على عكسه فأخل بطرده ; إذ يرد الناسي والنائم والمسافر .

            فإن قال : يسقط الوجوب بذلك . قلنا : ويسقط بفعل البعض .

            التالي السابق


            ش - رسم القاضي أبو بكر الباقلاني الواجب بأنه : ما يذم تاركه شرعا بوجه ما .

            وقال : شرعا ، ليوافق ما يذهب إليه من أن الحكم لا يثبت إلا بالشرع . وقال : " بوجه ما " ليدخل في حده الواجب الموسع وواجب الكفاية ; لأنهما لا يذم تاركهما مطلقا ، بل يذم بوجه ما .

            أما الواجب الموسع ، فإنما يذم تاركه إذا تركه في جميع وقته . [ ص: 336 ] وواجب الكفاية ، إنما يذم تاركه إذا تركه الكل . والقاضي حافظ بهذا القيد على عكس التعريف ، لكن أخل بطرده ; لأنه دخل فيه ما ليس من المعرف ; لأن من الأفعال ما يذم شرعا تاركه بوجه ما وليس بواجب . كصلاة الناسي والنائم وصوم المسافر ; فإنها ليست بواجبة ويذم شرعا تاركها بوجه ما ، وهو إذا لم يقضها إلى الموت مع القدرة على القضاء ، فإنه يذم على هذا الوجه .

            ثم قال المصنف : فإن قال القاضي : لا نسلم أن هذه الأمور ليست بواجبة ، حتى يلزم عدم الاطراد ; بل تكون واجبة لكن يسقط وجوبها بذلك ، أي بسبب النسيان والنوم والسفر .

            قلنا : إذا جوز ثم سقوط وجوبها بسبب ، فلا حاجة إلى زيادة هذا القيد ; لأنه حينئذ يقال : إن الواجب على الكفاية إنما يذم تاركه ; لأن الوجوب سقط بفعل البعض . وكذا يقال في الواجب الموسع .

            وقال بعض الشارحين : إن المصنف اعترض عليه بأنه لا يطرد ; فإن الناسي والنائم والمسافر يجب عليهم الصوم لقوله تعالى : فمن شهد منكم الشهر فليصمه . ولا يذمون على تركه بوجه [ ص: 337 ] أصلا . فإن أجاب بأن الوجوب سقط بالنوم والنسيان والسفر . وإذا كان الوجوب ساقطا عنهم لم يذموا على تركه لعدم الوجوب عليهم .

            قلنا : فالواجب على الكفاية يسقط بفعل البعض . هذا كلامه . ولا يخفى أنه غير مستقيم ; لأنه حينئذ يكون واردا على عكسه لا على طرده .




            الخدمات العلمية