الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - قالوا : يعم ويسقط وإن كان بلفظ التخيير ، كالكفاية . قلنا : الإجماع ثمة على تأثيم الجميع ، وههنا بترك واحد .

            وأيضا : فتأثيم واحد لا بعينه غير معقول . [ ص: 353 ] بخلاف التأثيم على ترك واحد من ثلاثة .

            التالي السابق


            ش - هذا دليل آخر للمعتزلة على أن الكل واجب . تقريره أن يقال : الواجب المخير يعم الجميع ويسقط بفعل البعض قياسا على الواجب على الكفاية ، فإنه يعم جميع المكلفين ويسقط بفعل البعض عنهم . والجامع اشتراكهما في الوجوب مع سقوط الوجوب بفعل البعض . وورود النص بلفظ التخيير لا ينافي عموم الوجوب للجميع وسقوطه بفعل البعض .

            أجاب المصنف عنه بالفرق من وجهين : الأول : أن الإجماع منعقد على أن الواجب على الكفاية ، يأثم الجميع بتركه . وههنا إنما يأثم المكلف بترك واحد . فلهذا قيل : إن الواجب على الكفاية على الجميع ، ولم يقل بإيجاب الجميع في المخير .

            الثاني : أن تأثيم مكلف واحد لا بعينه غير معقول ; لأنه لا يمكن عقاب أحد الشخصين لا على التعيين ، فلم يكن الوجوب متعلقا بواحد غير معين . بخلاف تأثيم المكلف على ترك واحد لا بعينه ; فإنه معقول ; لأنه يجوز أن يعاقب المكلف على أحد الفعلين لا بعينه ، فيكون الوجوب متعلقا بواحد لا بعينه .

            قيل على الثاني : إن التأثيم بترك واحد لا بعينه من ثلاثة ، غير معقول ; لأنه يلزم الترجيح من غير مرجح .

            [ ص: 354 ] وفيه نظر; لأنه إنما يلزم الترجيح من غير مرجح إذا كان التأثيم بترك أحدها على التعيين . أما إذا كان التأثيم بترك أحدها لا بعينه ، [ لم يلزم ترجيح من غير مرجح ] .

            ولقائل أن يقول على الفرق الأول : لا نسلم أن تأثيم المكلف ههنا بترك واحد ; فإن من ترك واحدا من الثلاثة [ لم يأثم ] بل التأثيم بترك الجميع ; فإن من ترك الجميع ، أثم به .




            الخدمات العلمية