الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - قالوا : الحوامل المقدرة كثيرة . ولذلك لم ينقل النصارى كلام المسيح في المهد .

            ونقل انشقاق القمر ، وتسبيح الحصى ، وحنين الجذع ، وتسليم الغزالة ، وإفراد الإقامة ، وإفراد الحج ، وترك البسملة ، آحادا .

            وأجيب بأن كلام عيسى - عليه السلام - إن كان بحضرة خلق - فقد نقل قطعا ، وكذلك غيره مما ذكر ، واستغني عن الاستمرار بالقرآن الذي هو أشهرها . وأما الفروع - فليس من ذلك .

            [ ص: 664 ] وإن سلم - فاستغني لكونه مستمرا ، أو كان الأمران شائعين .

            التالي السابق


            ش - قالت الشيعة : لا نسلم أن خبر المنفرد على الوجه المذكور لو كان صدقا ، لنقل لكثرة المشاهدين ; لجواز أن لا ينقلوا ذلك الأمر لأغراض حاملة على كتمان ما جرى بحضورهم ; لأن الحوامل المقدرة كثيرة ، كغرض يعود إلى الكل في أمر البلد وإصلاح المعاش ، أو خوف من عدو غالب ، أو ملك قاهر ، أو أغراض مختلفة عائد كل منها إلى واحد من المشاهدين ، فحملتهم على الكتمان والإخفاء .

            والذي يؤكد ذلك أن النصارى لم ينقلوا كلام المسيح في المهد ، مع أنه من الأمور الغريبة العجيبة التي يتوفر الدواعي على نقلها . وأن المعجزات الظاهرة على يد الرسول - عليه السلام - التي هي انشقاق القمر ، [ ص: 665 ] وتسبيح الحصى في يده ، وحنين الجذع [ ص: 666 ] إليه ، وتسليم الغزالة عليه ، وإفراد الإقامة وإفراد [ ص: 667 ] الحج ، و ترك البسملة ، نقلت جميعها آحادا ، مع أنها من الوقائع التي يتوفر الدواعي على نقلها .

            أجاب بأن العادة تقضي بامتناع اشتراك الجمع العظيم في الحامل على الكتمان ، كما تقضي بامتناع اجتماع الجمع العظيم على أكل واحد .

            وما ذكرتموه من صور الاستشهاد ، فلا يدل على صحة ما ذكرتم; لأن كلام عيسى في المهد إن لم يكن بحضور جمع عظيم فلم يرد نقضا . وإن كان بحضرة جمع عظيم نقل نقلا قطعيا أولا لما ذكرنا من الدليل ، ثم لم ينقل بعد ذلك لاشتمال القرآن عليه ، فاستغني عن استمرار نقله بالقرآن .

            [ ص: 668 ] وكذلك المعجزات الأربعة الظاهرة على يد الرسول ، لم تنقل نقلا متواترا; لأنه لم يتوفر الدواعي على نقلها ; فإن عند وجود القرآن الذي هو أعظم المعجزات الدالة على صدق رسالته ، ضعف دواعي نقل المعجزات الأخر ; لأن المقصود الذي هو صدق رسالته ، قد حصل بالقرآن ، فقد استغني بالقرآن عن استمرار نقل هذه المعجزات متواترا .

            وأما الفروع التي هي إفراد الإقامة ، وإفراد الحج ، وترك البسملة فليست مما يتوفر الدواعي على نقلها .

            ولئن سلمنا توفر الدواعي على نقلها ، فإنما لم تنقل هذه الأمور نقلا متواترا لكونه مستمرا في الأنام أو في الأعوام ، فاستغني باستمرارها عن نقلها متواترا . أو كان الأمران ، أي إفراد الإقامة وتثنيتها ، وإفراد الحج وقرانه ، والبسملة وتركها ، شائعين ، فنقل كل بعض ما ثبت عنده ، فلم يتواتر لذلك .




            الخدمات العلمية