الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            صفحة جزء
            ص - الغزالي - رحمه الله - بقوله : " لا تجتمع أمتي " من وجهين : أحدهما : تواتر المعنى لكثرتها ، كشجاعة علي رضي الله عنه ، وجود حاتم . وهو حسن .

            والثاني : تلقي الأمة لها بالقبول . وذلك لا يخرجها عن الآحاد .

            [ ص: 539 ]

            التالي السابق


            [ ص: 539 ] ش - تمسك الغزالي ، رحمه الله ، في كون الإجماع حجة بقوله : " لا تجتمع أمتي على الخطأ " . من وجهين : أحدهما : أنه تظاهرت الروايات عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، بألفاظ مختلفة مع اتفاق المعنى في عصمة هذه الأمة عن الخطأ ، فاشتهرت على لسان الثقات ، كعمرو بن مسعود ، وأبي سعيد الخدري ، وأنس بن مالك ، وابن عمر ، وأبي هريرة ، [ ص: 540 ] وحذيفة بن اليمان ، وغيرهم ، من نحو قوله : " لا تجتمع أمتي على الضلال " . و " سألت الله أن لا تجتمع أمتي على الضلالة ; فأعطانيها " . وقوله : " يد الله على الجماعة ولا يبالي بشذوذ من شذ "

            [ ص: 541 ] إلى غير ذلك مما لا يحصى . ولم تزل الأمة تحتج بها في أصول الدين وفروعه . فمجموع هذه الأحاديث المتفرقة وإن لم يتواتر أحاديثها من حيث الألفاظ ، لكن تواتر معناها لكثرتها . كشجاعة علي ، رضي الله عنه ، وسخاوة حاتم . فإنهما وإن لم يكن آحاد الأخبار فيهما متواترة ، بل يجوز الكذب على كل واحد ، لو جردنا النظر إليه ، ولا يجوز على المجموع . وإذا كان هذا الحديث من حيث المعنى متواترا ، وجب أن يكون الإجماع حجة .

            واستحسن المصنف هذا الاستدلال من حيث إنه أثبت كون الإجماع حجة بالتواتر المفيد للقطع .

            [ ص: 542 ] الثاني أن الأمة ، قرنا بعد قرن ، تلقوا لعبارات هذه الأحاديث بالقبول ، ولم يظهر إلى الآن خلاف في صحة هذه الأحاديث ، إلا أن بعضهم احتج بها في كون الإجماع حجة ، وبعضهم تأولها ، من غير طعن في صحتها . فلو لم تقم الحجة على صحتها ، لم تتوافق الأمم في أعصار مختلفة بالتسليم ; لأن العادة تحيل توافق الأمم في الأعصار على التسليم لما لم تقم حجة على صحته ، مع اختلاف الطبائع وتفاوت القرائح في الرد والقبول .

            وزيفه المصنف بأن تلقي الأمم لعبارات هذه الأحاديث بالقبول ، لا يخرجها عن الآحاد . وإذا لم يخرجها عن الآحاد ، لا تكون إلا ظنية ، والظنية لا تفيد في المسألة العلمية .

            وفيه نظر ; لأن الظني يفيد في المسألة العلمية بعد بيان وجوب العمل بالظن .




            الخدمات العلمية