الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وله أن يتوضأ في البيت ولا ينبغي أن يعرج على شغل آخر كان صلى الله عليه وسلم لا يخرج إلا لحاجة الإنسان ولا يسأل عن المريض إلا مارا

التالي السابق


(وله أن يتوضأ في البيت) فلو كان له بيتان بحيث يجوز الخروج إليه لو انفرد وأحدهما أقرب ففي جواز الخروج إلى الآخر وجهان : أحدهما : وبه قال ابن أبي هريرة يجوز كما انفرد وأصحهما : لا يجوز للاستغناء عنه ولا يشترط لجواز الخروج إزهاق الطبيعة وشدة الحاجة وإذا خرج لم يكلف الإسراع بل يمشي على سجيته المعهودة قال النووي : فلو تأنى أكثر من عادته بطل اعتكافه على المذهب ذكره في البحر (ولا ينبغي أن يبرح) أي : يقف (على شغل آخر كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا يخرج) أي : من معتكفه (إلا لحاجة الإنسان) .

قال العراقي : متفق عليه من حديث عائشة . أهـ .

قلت : وهو في السنن أيضا بلفظ : كان إذا اعتكف لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان ، وعند الدارقطني من رواية ابن جريج عن الزهري في حديثها : وأن السنة للمعتكف أن لا يخرج إلا لحاجة الإنسان ، ولفظ الإنسان ليس في صحيح البخاري يريد بحاجة الإنسان : البول والغائط هكذا فسره الزهري وقوله : (ولا يسأل عن المريض إلا مارا) .

وقال العراقي : رواه أبو داود بنحوه بسند لين . أهـ .

قلت : أي : في اعتكافه ولا يعرج عليه قال الحافظ ابن حجر : رواه أبو داود من فعل عائشة وكذلك أخرجه مسلم وغيره وقال ابن حزم : صح ذلك عن علي . أهـ .

قلت : وفي سنن أبي داود من حديث عائشة مرفوعا : كان يمر بالمريض وهو متعكف فيمر كما هو ولا يعرج يسأل عنه ، قال الرافعي : ولو خرج لقضاء الحاجة فعاد في الطريق مريضا نظر إن لم يقف ولا ازور عن الطريق بل اقتصر على السلام والسؤال فلا بأس وإن وقف فطال بطل اعتكافه وإن لم يطل فوجهان منقولان في الأئمة والعدة : والأصح : أنه لا بأس به وادعى الإمام إجماع الأصحاب عليه ولو ازور عن الطريق قليلا فعاده فقد جعلاه على هذين الوجهين والأصح [ ص: 239 ] المنع لما فيه من إنشاء سير لغير قضاء الحاجة وإذا كان المريض في بيت من الدار التي يدخلها لقضاء الحاجة فالعدول لعيادته قليل وإن كان في دار أخرى فكثير ولو خرج لقضاء الحاجة فصلى في الطريق على جنازة فلا بأس إذا لم ينتظرها ولا ازور عن الطريق وحكى صاحب التتمة فيه الوجهين لأن في صلاة الجنازة يفتقر إلى الوقفة وقال في التهذيب : إن كانت متعينة فلا بأس وإلا فوجهان : والأول أظهر وجعل الإمام قدر صلاة الجنازة حد الوقفة اليسيرة وتابعه المصنف واحتملاها لجميع الأعراض .




الخدمات العلمية