الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ولا بأس بالمنطقة والاستظلال في المحمل

التالي السابق


(ولا بأس بالمنطقة) ، أي : شدها على الوسط ، وكذا الهميان لحاجة النفقة ، ونحوها وقد روي الترخص فيها عن عائشة ، وابن عباس - رضي الله عنهم - أما أثر عائشة ، فرواه ابن أبي شيبة ، والبيهقي من طريق القاسم عنها أنها سئلت عن الهميان للمحرم ، فقالت : أوثق نفقتك في حقوك . وروى ابن أبي شيبة نحو ذلك عن سالم ، وسعيد بن جبير ، وطاوس ، وابن المسيب ، وعطاء ، وغيرهم .

وأما أثر ابن عباس ، فرواه ابن أبي شيبة ، والبيهقي من طريق عطاء عنه قال : لا بأس بالهميان للمحرم . ورفعه الطبراني في الكبير ، وابن عدي [ ص: 313 ] من طريق صالح مولى التوأمة عن ابن عباس ، وهو ضعيف قال الرافعي ، ونقل عن مالك المنع من شد الهميان ، والمنطقة ، ولم يثبت المثبتون في النقل الرواية عنه ، وكذا لا بأس بتقليد المصحف ، والسيف ؛ قدم أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة متقلدين بسيوفهم عام عمرة القضاء (و) كذا (الاستظلال بالمحمل) لا بأس به ، والمظلة في حكم المحمل ، ولا فرق بين أن يفعل ذلك لحاجة من دفع حر ، أو برد ، أو لغير حاجة ، وخص صاحب التتمة نفي الفدية في صورة الاستظلال بما إذا لم تمس المظلة رأسه ، وحكم بوجوبها إذا كانت تمسه قال الرافعي : وهذا التفصيل لم أره لغيره ، وإن لم يكن منه بد فالوجه إلحاقه بوضع الزنبيل على الرأس ، والأصح فيه أنه لا فدية كما سيأتي .

وعن مالك ، وأحمد أنه إذا استظل بالمحمل راكبا افتدى ، وإن استظل به نازلا فلا ، وروى الإمام الخلاف عن مالك في صورة الانغماس أيضا ، وقول أصحابنا كقول أصحاب الشافعي ، والدليل عليه ما رواه مسلم ، والنسائي ، وأبو داود من حديث أم الحصين قالت : حججت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حجة الوداع فرأيت أسامة بن زيد ، وبلالا أحدهما آخذ بخطام ناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة ، وفي رواية على رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يظله من الشمس ، ولو وضع زنبيلا على رأسه ، أو حملا فقد ذكر أن الشافعي - رحمه الله - حكى عن عطاء أنه لا بأس به ، ولم يعترض عليه ؛ وذلك يشعر بأنه ارتضاه ، فإن من عادته الرد على المذهب الذي لم يرتضه .

وعن ابن المنذر ، والشيخ أبي حامد أنه نص في بعض كتبه على وجوب الفدية ؛ الأصحاب من قطع بالأول لم يثبت الثاني ، ومنهم من أطلق القولين ، وجه الوجوب ، وروي عن أبي حنيفة أنه غطى رأسه ، فأشبه ما لو غطاه بشيء آخر ، ووجه عدم الوجوب أن مقصوده نقل المتاع لا تغطية الرأس على أن المحرم وغيره ممنوع من التغطية بما لا يقصد الستر به ، ولو طين رأسه ففي وجوب الفدية وجهان ، والمذهب الوجوب . هذا إذا كان ثخينا ساترا ، وكذا حكم الحناء ، والمراهم ، ونحوهما .




الخدمات العلمية