الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الرابع أن لا ينقل الصدقة إلى بلد آخر فإن أعين المساكين في كل بلدة تمتد إلى أموالها وفي النقل تخييب للظنون ، فإن فعل ذلك أجزأه في قول ولكن الخروج عن شبهة الخلاف أولى فليخرج زكاة كل مال في تلك البلدة ثم لا بأس أن يصرف إلى الغرباء في تلك البلدة .

التالي السابق


(الرابع) من الأمور الخمسة: (أن لا ينقل الصدقة إلى بلد آخر) مع وجود المستحقين، سواء كان النقل إلى مسافة أو دونها، (فإن أعين المساكين) والفقراء (في بلدة تمتد إلى أموالها) فينبغي تفريقها عليهم، (وفي النقل تخييب المظنون، فإن فعل ذلك أجزأه في قول) وفي قول لا يجزئ، وهو الأظهر، وفي المراد بهما أصحها: أن القولين في سقوط الغرض، ولا خلاف في تحريمه، والثاني: أنهما في التحريم، ولا خلاف أنه يسقط ثم قبل هذا في النقل إلى مسافة القصر فما فوقها، فإن نقل إلى دونها جاز، والأصح طرد القولين، وإذا أوصى للفقراء والمساكين وسائر الأصناف أو وجبت عليه كفارة أو نذر؛ فالمذهب في الجميع جواز النقل؛ لأن الأطماع لا تمتد إليها امتداد الزكاة، (ولكن الخروج عن شهية الخلاف أولى) للمريد في طريق الآخرة (فليخرج زكاة كل مال في تلك البلد) ، فلو كان المال ببلد والمالك ببلد، فالاعتبار ببلد المال؛ لأنه سبب الوجوب، ويمتد إليه نظر المستحقين فيصرف العشر إلى فقراء بلد الأرض التي حصل منها العشر وزكاة النقدين والمواشي والتجارة إلى فقراء البلد التي تم فيه حولها، ولو كان المال في بادية صرف إلى فقراء أقرب البلاد إليه، ولو كان تاجرا مسافرا صرفها حيث حال الحول، وإن كان ماله في مواضع متفرقة قسم زكاة كل طائفة من ماله ببلدها ما لم يقع تشقيص، (ثم لا بأس أن يصرف إلى الغرباء) الطارئين (في تلك البلدة) وليسوا من أهلها .

اعلم أن أرباب الأموال صنفان؛ أحدهما: المقيمون في موضع لا يظعنون، فعليهم صرف زكاتهم إلى من في موضعهم من الأصناف، سواء فيه المقيمون والغرباء. الثاني: أهل الخيام الطائفون في البلاد دائما، فعليهم أن يصرفوها إلى من معهم من الأصناف، فإن لم يكن معهم مستحق نقلوه إلى أقرب البلاد إليهم عند تمام الحول، والله أعلم .

وأخرج أبو داود وابن ماجه من طريق إبراهيم بن عطاء مولى عمران بن حصين عن أبيه أن زيادا أو بعض الأمراء بعث عمران بن حصين على الصدقة، فلما رجع قال لعمران: أين المال؟ قال: وللمال أرسلتني؟ أخذناها من حيث كنا [ ص: 98 ] نأخذها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ووضعناها حيث كنا نضعها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال أبو حنيفة: يكره نقل الزكاة من بلد إلى بلد إلا أن ينقلها إلى قرابة له محاويج أو قوم هم أمس حاجة من أهل بلده فلا يكره، وقال مالك: لا يجوز إلا أن يقع بأهل بلد حاجة، فينقلها الإمام إليهم على سبيل النظر والاجتهاد، وقال أحمد في المشهور عنه: لا يجوز نقلها إلى بلد آخر تقصر فيها الصلاة إلى قرابته أو غيرهم ما دام يجد في بلده من يجوز دفعها إليهم، وأجمعوا على أنه إذا استغنى أهل بلده عنها جاز نقلها إلى من هم أهلها. .




الخدمات العلمية