الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفاة علي كرم الله وجهه .

قال الأصبغ الحنظلي لما كانت الليلة التي أصيب فيها علي كرم الله وجهه أتاه ابن التياح حين طلع الفجر يؤذنه بالصلاة وهو مضطجع متثاقل ، فعاد الثانية وهو كذلك ، ثم عاد الثالثة فقام علي يمشي وهو يقول .

:

اشدد حيازيمك للموت فإن الموت لاقيك     ولا تجزع من الموت
إذا حل بواديكا

فلما بلغ الباب الصغير شد عليه ابن ملجم فضربه .

فخرجت أم كلثوم ابنة علي رضي ، الله عنه فجعلت تقول ما لي ولصلاة الغداة قتل زوجي أمير المؤمنين صلاة الغداة وقتل أبي صلاة الغداة .

وعن شيخ من قريش أن عليا كرم الله وجهه لما ضربه ابن ملجم قال : فزت ورب الكعبة .

وعن محمد بن علي أنه لما ضرب أوصى بنيه ، ثم لم ينطق إلا بلا إله إلا الله ، حتى قبض .

ولما ثقل الحسن بن علي ، رضي الله عنهما دخل عليه الحسين ، رضي الله عنه فقال يا أخي لأي شيء تجزع ؟ تقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلي بن أبي طالب وهما أبواك وعلى خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وهما أماك ، وعلى حمزة وجعفر وهما عماك ، قال : يا أخي أقدم على أمر لم أقدم على مثله .

وعن محمد بن الحسن رضي الله عنهما قال : لما نزل القوم بالحسين ، رضي الله عنه وأيقن أنهم قاتلوه قام في أصحابه خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : قد نزل من الأمر ما ترون ، وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر .

معروفها ، وانشمرت حتى لم يبق منها إلا كصبابة الإناء ، ألا حسبي من عيش كالمرعى الوبيل ، ألا ترون الحق لا يعمل به والباطل لا يتناهى عنه ; ليرغب المؤمن في لقاء الله تعالى ، وإني لا أرى الموت إلا سعادة ، والحياة مع الظالمين إلا جرما .

التالي السابق


* (وفاة علي كرم الله وجهه) *

قال أبو بكر محمد بن الحسين الآجري في كتاب الشريعة: قد قال النبي - صلى الله عليه وسلم- وهو على حراء وقد تحرك الجبل: اثبت حراء، فإنما عليك نبي وصديق وشهيد، وعليه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير وسائر من في الحديث المشهور، فقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنهم شهداء .

وقتل علي -رضي الله عنه- شهيدا وقد أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنك مستخلف مقتول ولا بد لما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يكون لا بد من أن يكون، وذلك درجات لهم -رضي الله عنهم- عند ربهم يزيدهم فضلا وكرامة منه لهم، وقد روينا عن عمار بن ياسر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعلي: ألا أخبرك بأشقى الناس أحيمر ثمود، عاقر الناقة، والذي يضربك على هذا، وأشار إلى قرنه وتبتل هذه منها، وأخذ بلحيته.

وعن جابر وسمرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-لعلي: إنك مؤمن مستخلف، وإنك مقتول، وإن هذه مخضوبة من هذا لحيته ورأسه، وعن أبي سنان الديلمي قال: سمعت عليا -رضي الله عنه- يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: إنك ستضرب ضربة ههنا، وأشار إلى صدغيه، تسايل دما حتى تخضب لحيتك، فيكون صاحبها أشقاها ،كما كان عاقر الناقة أشقى ثمود.

وعن عبد الله بن سبع قال: سمعت عليا -رضي الله عنه- على المنبر يقول: ما ينتظر الأشقى؟ عهد إلي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لتخضبن هذه من دم هذا.

(قال الأصبغ) بن نباتة التيمي (الحنظلي) الكوفي يكنى أبا القاسم، متروك، رمي بالرفض، روى له ابن ماجه (لما كانت الليلة التي أصيب فيها علي -رضي الله عنه- أتاه ابن النباج) وهو مؤذنه (حين طلع الفجر يؤذنه بالصلاة وهو مضطجع متثاقل، فعاد الثانية وهو كذلك، ثم عاد الثالثة فقام علي يمشي وهو يقول:


اشدد حيازيمك للموت فإن الموت لاقيك ولا تجزع من الموت
إذا حل واديك



فلما بلغ الباب الصغير شد عليه ابن ملجم) عبد الرحمن، رجل من بني مراد (فضربه) رواه ابن أبي الدنيا فقال: حدثني عبد الله بن يونس بن بكير، قال: حدثني أبي، حدثني علي بن أبي فاطمة الغنوي قال: حدثني الأصبغ الحنظلي فذكره، وقال محمود بن محمد بن الفضل في كتاب المتفجعين، حدثنا الكزبراني، حدثنا حجاج بن أبي منيع، حدثنا جدي، عن الزهري قال: لما انتشر أمر علي -رضي الله عنه- وكثر عليه اختلاف أصحابه أقبل رجل من الخوارج يقال له عبد الرحمن بن ملجم، مشتملا على السيف، وكان علي -رضي الله عنه- يتولى التأذين بنفسه، فكان إذا أراد أن يقول: حي على الصلاة، أخرج رأسه من باب طاق المسجد إلى السوق، وأقبل الخارجي فقام عند الطاق من خارج فلما أخرج علي رأسه ضربه الخارجي ضربة أطار بها طائفة من قحطه، وتنادى الناس قتل أمير المؤمنين وأقبلوا نحوه، وهو يحمل عليهم حتى أخذوه وانتزعوا السيف من يده، وعاش -رضي الله عنه- يومه ذلك ومات في الليلة القابلة، فقطعت يدا ابن ملجم ورجلاه وسملت عيناه، ثم أدرج في بردين فأحرق.

وقال ابن سعد في الطبقات، أخبرنا الفضل بن دكين، حدثنا قطر بن خليفة، حدثني أبو الطفيل، قال: دعا علي الناس إلى البيعة فجاءه عبد الرحمن بن ملجم فرده مرتين، ثم أتاه فقال ما يحبس أشقاها لتخضبن أو لتصفقن هذه، يعني لحيته، من هذا، يعني رأسه، ثم تمثل بهذين البيتين:

اشدد حيازيمك للموت

. إلخ .

(فخرجت أم كلثوم ابنة علي، رضي الله عنه) وأمها فاطمة الزهراء رضي الله عنها، وقد تقدم ذكرها (فجعلت تقول ما لي ولصلاة الغداة قتل زوجي أمير المؤمنين) عمر -رضي الله عنه- (صلاة الغداة) كما تقدم آنفا (وقتل أبي صلاة الغداة) وهذا القول عنها قد تقدم في وفاة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال محمود بن محمد بن الفضل في كتاب المتفجعين: حدثنا الكزبراني، حدثنا محمد بن كثير، أخبرنا سليمان بن كثير، [ ص: 319 ] عن حصين، عن هلال بن يساف أن عليا -رضي الله عنه- كان يخرج إلى المسجد قبل الفجر فيقول: الصلاة، حتى إذا أنار الفجر صلى فبينا هو كذلك ابتدره رجلان أحدهما ابن ملجم والآخر شبيب بن بجرة الأشجعي فضربه أحدهما على رأسه وأخطأه الآخر، فأخذ الضارب فسمعهم يقولون: ليس عليه بأس، قال فعلى من كانوا يبكون، لقد سقيت سيفي السم شهرين، ولقد ضربته ضربة لو قسمت بين العرب لأفنتهم، فمات علي -رضي الله عنه- من يومه وقتل ابن ملجم لعنه الله تعالى.

قال: وحدثنا محمد بن جبلة، حدثنا إبراهيم بن سعيد، حدثنا أبو أسامة، حدثنا أبو طلق علي بن حنظلة بن نعيم، عن أبيه قال: لما ضرب ابن ملجم عليا -رضي الله عنه- قال: احبسوه فإنما هو جرح، فإن برئت امتثلت أو عفوت وإن هلكت قتلتموه، فعجل عليه عبد الله بن جعفر، وكانت أم كلثوم ابنة علي تحته فقطع يديه ورجليه وفقأ عينيه وجدعه، وقال له: هات لسانك فقال له: إذ صنعت ما صنعت فإنما تستقرض في جسدك، فاستعد للقصاص، فأما لساني فدعه أذكر الله به فإني لا أخرجه إليك أبدا، فشق لحييه فقطع لسانه وجعل المسمار في عينيه، فقال: إنك لتكحلني بملمول يمضي، وكانت أم كلثوم تبكي، فقيل له ما على أمير المؤمنين من بأس، فقال: فأم كلثوم علي إذا تبكي؟! والله ما خانني سيفي ولا ضعفت يدي.

قلت: وأخرجه أبو بكر الآجري في كتاب الشريعة، عن محمد بن هارون بن المجدر، عن إبراهيم بن سعيد الجوهري، عن أبي أسامة، وفيه جاءت أم كلثوم تبكي وتقول يا خبيث والله ما ضر أمير المؤمنين، فقال علام تبكين يا أم كلثوم والله ما خانني سيفي ولا ضعفت يدي.

وقال أبو بكر محمد بن الحسين الآجري في كتاب الشريعة وأخبرنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا أبو هشام الرفاعي، حدثنا أبو أسامة، حدثنا أبو جناب، حدثنا أبو عون الثقفي قال: كنت أقرأ على أبي عبد الرحمن السلمي، وكان الحسن بن علي يقرأ عليه، قال أبو عبد الرحمن فاستعمل أمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- رجلا من بني تميم يقال له: حبيب بن قرة على السواد، وأمره أن يدخل الكوفة من كان بالسواد من المسلمين، فقلت للحسن بن علي إن ابن عم لي بالسواد أحب أن يقر بمكانه، فقال: تغدو علي، كتابك قد ختم، فغدوت عليه من الغد فإذا الناس يقولون: قتل أمير المؤمنين، قتل أمير المؤمنين، فقلت: للغلام أتقربني إلى القصر فدخلت القصر فإذا الحسن بن علي قاعد في المسجد في الحجرة وإذا صوائح فقال: ادن يا أبا عبد الرحمن، فجلست إلى جنبه فقال لي: خرجت البارحة وأمير المؤمنين يصلي في هذا المسجد فقال لي يا بني إني بت الليلة أوقظ أهلي: لأنها ليلة الجمعة صبيحة بدر لسبع عشرة من رمضان فملكتني عيناي فسنح لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقلت: يا رسول الله ماذا لقيت من أمتك؟ الأود واللدد؟ قال: والأود العوج، واللدد الخصومات، فقال لي: ادع عليهم، فقلت: اللهم أبدلني بهم من هو خير منهم وأبدلهم بي شرا، قال وجاء ابن البناج فآذنه بالصلاة، فخرج وخرجت خلفه فاعتوره الرجلان، فأما أحدهما فوقعت ضربته في الطلق، وأما الآخر فأثبتها في رأسه، قال ابن صاعد: قال أبو هشام: قال أبو أسامة: إني لأغار عليه كما يغار الرجل على المرأة الحسناء، يعني: هذا الحديث لا تحدث به ما دمت حيا .

ورواه صاحب نهج البلاغة وفيه فقلت: أبدلني الله بهم خيرا وأبدلهم بي شرا لهم مني، ثم قال وهذا من أفصح الكلام .

(وعن شيخ من قريش أن عليا -كرم الله وجهه- لما ضربه ابن ملجم قال: فزت ورب الكعبة) رواه محمود بن محمد بن الفضل في كتاب المتفجعين، عن حنش بن موسى، قال: أخبرنا أبو الحسن المدائني، أخبرني سعيد بن عبد العزيز السلمي، قال: قال علي، فذكره، وزاد: فقال ابن ملجم: ومن الناس من يشتري نفسه ابتغاء مرضاة الله .

(وعن) أبي جعفر (محمد بن علي) بن الحسين بن علي -رضي الله عنه- (أنه) -رضي الله عنه- (لما ضرب أوصى بنيه، ثم لم ينطق إلا بلا إله إلا الله، حتى قبض) رواه ابن أبي الدنيا، عن عبد الله بن يونس بن بكير، عن أبيه، عن أبي عبد الله الجعفي، عن جعفر بن محمد ولم يقل، عن أبيه .

وأما وصيته لبنيه فرواها أبو بكر بن أبي شيبة، عن ابن فضيل بن غزوان، عن جعفر بن محمد قال: أوصى علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حين حضرته الوفاة: هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وأن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له، ثم إني أوصيك يا حسن وجميع أهلي ومن بلغه وفاتي بأن تتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، واعتصموا بحبل الله جميعا، ثم إني أوصيكم بالجار فإن نبي الله -صلى [ ص: 320 ] الله عليه وسلم- ما زال يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه، الله الله في القرآن لا يسبق به غيركم، الله الله في الصلاة فإنها عمود دينكم، الله الله في صيام رمضان فإن الصبر على صيامه نجاة من النار، الله الله في الجهاد بأموالكم وأنفسكم، وقولوا للناس حسنا، ائتلفوا ولا تختلفوا.

(ولما ثقل الحسن بن علي، رضي الله عنهما) ذلك من سم سقته زوجته (دخل عليه) أخوه (الحسين، رضي الله عنه) فرآه قد جزع (فقال يا أخي لأي شيء تجزع؟ تقدم على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلي بن أبي طالب وهما أبواك وعلى خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وهما أماك، وعلى حمزة وجعفر وهما عماك، قال: يا أخي أقدم على أمر لم أقدم على مثله) .

رواه أبو نعيم في الحلية بلفظ: لما اشتد بالحسن بن علي جزع، فدخل عليه رجل فقال: يا أبا محمد ما هذا الجزع ما هو إلا أن يفارق روحك جسدك، فتقدم على أبويك علي وفاطمة، وعلى جديك النبي -صلى الله عليه وسلم- وخديجة، وعلى أعمامك حمزة وجعفر، وعلى أخوالك القاسم والطيب وإبراهيم ومطهر، وعلى خالاتك رقية وأم كلثوم وزينب، قال فسري عنه.

وقال القشيري في الرسالة لما حضر الحسن بن علي الوفاة بكى فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: أقدم على سيد لم أره، وقال ابن أبي الدنيا، حدثنا إسحاق بن إسماعيل، حدثني أحمد بن عبد الجبار، حدثنا سفيان بن عيينة، عن رقبة بن مصقلة قال: لما احتضر الحسن بن علي قال: أخرجوا فراشي إلى صحن الدار، قال: فرفع رأسه إلى السماء، ثم قال: إني أحتسب نفسي عندك فإنها أعز الأنفس علي.

وقال صاحب كتاب المتفجعين، حدثنا أحمد بن الأسود الحنفي، حدثنا محمد بن أبي صفوان الثقفي، قال الأصمعي: عن أبي هلال الراسبي، قال: لما احتضر الحسن بن علي قال: لقد سقيت السم ثلاث مرات ما منهن واحدة بلغت مني ما بلغت هذه، لقد تقطعت كبدي، قال: وحدثني هلال بن العلاء، حدثنا عمرو بن عثمان الكلابي، حدثنا عبيد الله بن عمر، وقال: نعي الحسن بن علي إلى معاوية وابن عباس ببابه فحجب حتى أخذ الناس مجالسهم، ثم أذن له فقال: أعظم الله أجرك يا ابن عباس، قال: فيمن؟ قال: في الحسن بن علي، قال: إذا لا يزيد موته في عمرك، ولا يدخل عمله عليك في قبرك، وقد فقدنا من هو أعظم منه قدرا وأجل منه أمرا، فأعقب الله عقبى صالحة، وخرج ابن عباس وهو يقول:


أصبح اليوم ابن هند شامتا ظاهر النجوة أن مات حسن
ولقد كان عليه عمره مثل رضوى وثبير وحضن
فارتع اليوم ابن هند آمنا إنما يقمص بالبعير السمن
واتق الله وأظهر توبة إنما كان كشيء لم يكن



(وعن محمد بن الحسين) وفي بعض النسخ: الحسن (قال: لما نزل القوم) وهم عسكر عبيد الله بن زياد (بالحسين، رضي الله عنه) وذلك بكربلاء (وأيقن أنهم قاتلوه قام في أصحابه خطيبا فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: قد نزل من الأمر ما ترون، وإن الدنيا قد تغيرت وتنكرت وأدبر معروفها، وانشمرت حتى لم يبق منها إلا كصبابة الإناء، ألا حسبي من عيش كالمرعى الوبيل، ألا ترون الحق لا يعمل به والباطل لا يتناهى عنه; ليرغب المؤمن في لقاء الله تعالى، وإني لا أرى الموت إلا سعادة، والحياة مع الظالمين إلا جرما) .

قال محمود بن محمد بن الفضل في كتاب المتفجعين، حدثنا عبيد الله بن محمد، حدثنا محمد بن خلف، حدثنا نصر بن مزاحم العطار، عن أبي محنف، حدثني سليمان بن أبي راشد، عن حميد بن مسلم، قال: سمعت الحسين بن علي -رضي الله عنه- وقد أحاطوا به: اللهم احبس عنهم قطر السماء، وامنعهم بركات الأرض، وإن متعتهم إلى حين ففرقهم فرقا، ومزقهم مزقا، واجعلهم طرائق قددا، ولا ترض عليهم الولاة أبدا، فإنهم دعونا لينصرونا فعدوا علينا فقتلونا، وضارب حتى كفهم عنه، ثم تعادوا عليه فقتلوه.

قال: وحدثنا الكزبراني، حدثنا أبو ربيعة مهد بن عون العامري، حدثنا أبو عوانة، عن حصين بن عبد الرحمن قال: لما خرجت جيوش ابن زياد مع عمر بن سعد إلى الحسين -رضي الله عنه- توجه الحسين -رضي الله عنه- يريد الشام فلقيه خيولهم فنزل عند كربلاء، فناشدهم الله والإسلام أن سيرونا إلى يزيد فأضع يدي في يده فأبوا عليه إلا حكم ابن زياد، قال حصين: فحدثني سعد بن عبيدة السلمي قال: إني لأنظر إلى الحسين -رضي الله عنه- يكلمهم وإني لأنظر إليه وعليه جبة من برود، فلما كلمهم انصرف فرماه عمير الطهاوي بسهم فإني لأنظر إلى السهم بين كتفيه متعلقا في جبته ورجع إلى مصافه [ ص: 321 ] وإنهم لقريب من مائة رجل فيهم لصلب علي خمسة ومن بني هاشم ستة عشر، ومنهم حليف لهم من بني سليم، فحدثني سعد بن عبيدة قال: إنا لمستنقعون في الماء مع عمر بن سعد أتاه رجل فساره، فقال: قد أرسل إليك حوثرة بن بدر التميمي وأمره ابن زياد إن لم تقاتل يضرب عنقك، فوثب إلى فرسه يقاتلهم فجيء برأس الحسين -رضي الله عنه- إلى ابن زياد فوضع بين يديه، فجعل يقول بقضيب معه، أرى أبا عبد الله قد شمط، وانطلق ابنان لعبد الله بن جعفر فلجآ إلى رجل من طيئ فذبحهما وجاء برءوسهما حتى وضعهما بين يدي ابن زياد، فأمر بضرب عنقه وأمر بداره فهدمت، قال حصين: لبثوا شهرين أو ثلاثة كأنما يلطخ الحيطان بالدماء ساعة تطلع الشمس حتى ترتفع .

وقال: حدثنا أبو فروة، حدثنا أبو الجواب، حدثنا يونس بن أبي إسحاق، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن بعجة، قال: أول ذل دخل على الإسلام قتل الحسين -رضي الله عنه- وادعاء معاوية زيادا .




الخدمات العلمية