الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
قال مقاتل: الصور هو القرن ، وذلك أن إسرافيل عليه السلام واضع فاه على القرن كهيئة البوق ودائرة رأس القرن كعرض السماوات والأرض وهو شاخص بصره نحو العرش ينتظر متى يؤمر فينفخ النفخة الأولى ، فإذا نفخ صعق من في السماوات والأرض أي : مات كل حيوان من شدة الفزع إلا من شاء الله وهو جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت .

ثم يأمر ملك الموت أن يقبض روح جبريل ، ثم روح ميكائيل ، ثم روح إسرافيل ، ثم يأمر ملك الموت فيموت .

ثم يلبث الخلق بعد النفخة الأولى في البرزخ أربعين سنة ، ثم يحيي الله تعالى إسرافيل فيأمره أن ينفخ الثانية ؛ فذلك قوله تعالى ، ثم نفخ فيه أخرى ، فإذا هم قيام ينظرون على أرجلهم ينظرون إلى البعث وقال : صلى الله عليه وسلم حين بعث إلي بعث إلى صاحب الصور فأهوى به إلى فيه وقدم رجلا وأخر أخرى ينتظر متى يؤمر بالنفخ ألا فاتقوا النفخة فتفكر في الخلائق وذلهم وانكسارهم واستكانتهم عند الانبعاث خوفا من هذه الصعقة وانتظارا لما يقضي عليهم من سعادة أو شقاوة وأنت فيما بينهم منكسر كانكسارهم متحيرا كتحيرهم .

بل إن كنت في الدنيا من المترفهين والأغنياء المتنعمين ؛ فملوك الأرض في ذلك اليوم أذل أهل أرض الجمع وأصغرهم وأحقرهم يوطئون بالأقدام مثل الذر وعند ذلك تقبل الوحوش من البراري والجبال منكسة رءوسها مختلطة بالخلائق بعد توحشها ذليلة ليوم النشور من غير خطيئة تدنست بها ، ولكن حشرتهم شدة الصعقة وهول النفخة ، وشغلهم ذلك عن الهرب من الخلق والتوحش منهم ، وذلك قوله تعالى : وإذا الوحوش حشرت ثم أقبلت الشياطين المردة بعد تمردها وعتوها وأذعنت خاشعة من هيبة العرض على الله تعالى تصديقا لقوله تعالى : فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا فتفكر في حالك وحال قلبك هنالك .

التالي السابق


(قال مقاتل) بن سليمان بن بشير الأزدي البلخي أبو بسطام، صدوق فاضل، روى له أبو داود في كتاب المسائل له (الصور هو القرن، وذلك أن إسرافيل واضع فاه على القرن كهيئة البوق ودائرة رأس القرن كعرض السموات والأرض وهو شاخص بصره نحو العرش ينتظر متى يؤمر فينفخ النفخة الأولى، فإذا نفخ صعق من في السموات والأرض، أي: مات كل حيوان من شدة الفزع إلا من شاء الله وهو جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت، ثم يأمر ملك الموت أن يقبض روح جبريل، ثم روح ميكائيل، ثم روح إسرافيل، ثم يأمر ملك الموت فيموت، ثم يلبث الخلق بعد النفخة الأولى في البرزخ أربعين سنة، ثم يحيي الله إسرافيل فيأمره أن ينفخ الثانية؛ فذلك قوله، ثم نفخ فيه أخرى، فإذا هم قيام ينظرون على أرجلهم ينظرون إلى البعث) قوله: الصور هو القرن هذا قد روي مرفوعا من حديث ابن عمر أن أعرابيا سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الصور، فقال: قرن ينفخ فيه. رواه ابن المبارك في الزهد، وعبد بن حميد، والترمذي وحسنه، والنسائي، وابن المنذر، وابن حبان، والحاكم وصححه، والبيهقي في البعث، وابن مردويه، وقد روي نحو ذلك [ ص: 451 ] عن ابن مسعود عند عبد بن حميد ومسدد .

وروى أبو الشيخ عن عكرمة قال: الصور مع إسرافيل، وفيه أرواح كل شيء تكون فيه فينفخ فيه نفخة الصعقة، فإذا نفخ فيه نفخة البعث قال الله -عز وجل-: ليرجعن كل روح إلى جسده، قال: ودارة منها أعظم من سبع سموات ومن الأرض وإسرافيل شاخص بصره إلى العرش متى يؤمر بالنفخ فينفخ في الصور .

واختلف في المستثنى من الصعق، فقيل: جبريل وميكائيل وملك الموت. رواه ابن مردويه من حديث أنس، وقيل زيادة على هؤلاء الثلاثة إسرافيل وحملة العرش. رواه الفريابي وابن جرير من حديث أنس أيضا، وقيل: موسى -عليه السلام- لأنه صعق قبل، رواه ابن المنذر، عن جابر، وفي المتفق عليه من حديث أبي هريرة : فأكون أول من رفع رأسه، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أرفع رأسه قبلي أو كان فيمن استثنى الله، وقال عكرمة : إلا من شاء الله، هم حملة العرش. رواه عبد بن حميد وابن المنذر، وقيل: إلا من شاء الله، هم الشهداء ثنية الله. رواه أبو يعلى والدارقطني في الأفراد وابن المنذر وابن مردويه والحاكم وصححه، والبيهقي من حديث أبي هريرة .

ورواه سعيد بن منصور وهناد عن سعيد بن جبير، أخبرنا عمر بن أحمد بن عقيل، أخبرني عبد الله بن سالم، أخبرنا محمد بن العلاء الحافظ، عن النور، علي بن يحيى، أخبرنا يوسف بن عبد الله، أخبرنا عبد الرحمن بن أبي بكر الحافظ، أخبرني عبد الرحمن بن أحمد الفخري قراءة على أبي الحسن الدمشقي أن أبا العباس الصالحي أخبره، عن جعفر بن علي، عن الحافظ أبي طاهر السلفي، قال: أخبرنا محمد بن الحسن، أخبرنا أحمد بن عبد الله المحاملي، أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي، قال: حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي، حدثنا أبو عاصم النبيل، حدثنا إسماعيل بن رافع بن زياد، عن محمد بن كعب القرظي، عن رجل من الأنصار، عن أبي هريرة قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم- فقال: إن الله لما فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر: قلت: يا رسول الله، وما الصور؟ قال: القرن، قلت: كيف هو؟ قال: عظيم، إن عظم دارة فيه كعرض السماء والأرض، فينفخ فيه ثلاث نفخات: الأولى نفخة الفزع، والثانية نفخة الصعق، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين، فيأمر الله إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول: انفخ الفزع، فينفخ فيفزع أهل السماء والأرض إلا من شاء الله، فيسير الله الجبال فتمر كمر السحاب فتكون سرابا، وترتج الأرض بأهلها رجا فتكون كالسفينة الموقرة في البحر تضرج الأمواج أو كالقنديل المعلق بالعرش تخرجه الأرواح، فتميل الأرض بالناس على ظهرها تذهل المراضع وتضع الحوامل وتشيب الولدان وتطير الشياطين هاربة من الفزع، حتى تأتي الأقطار فتتلقاها الملائكة فتضرب وجوهها فترجع، ويولي الناس مدبرين ينادي بعضهم، فبينما هم كذلك تصدعت الأرض فانصدعت من قطر إلى قطر فرأوا أمرا عظيما، ثم نظروا إلى السماء، فإذا هي كالمهل، ثم انشقت فانتشرت نجومها وانخسفت شمسها وقمرها، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: والأموات يومئذ لا يعلمون بشيء من ذلك، قلت: فمن استثنى الله في قوله إلا من شاء الله قال: أولئك الشهداء فيمكنون في ذلك ما شاء الله .

ثم يأمر الله إسرافيل فينفخ نفخة الصعق فيصعق أهل السموات والأرض إلا من شاء الله فيقول ملك الموت: قد مات أهل السماء والأرض إلا من شئت، فيقول الله وهو أعلم: فمن بقي؟ فيقول: أي رب، بقيت أنت الحي الذي لا تموت، وبقيت حملة العرش وبقي جبريل وميكائيل وبقيت أنا، فيقول الله تعالى: فليمت جبريل وميكائيل فيموتان، ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار فيقول: رب قد مات جبريل وميكائيل، فيقول الله تعالى: فليمت حملة العرش. فيموتوا، ويأمر الله العرش فيقبض الصور من إسرافيل، ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار فيقول: رب قد مات حملة عرشك فيقول وهو أعلم: فمن بقي؟ فيقول: بقيت أنت الحي الذي لا تموت، وبقيت أنا، فيقول الله تعالى: أنت خلق من خلقي خلقتك لما رأيت، فمت فيموت، فإذا لم يبق إلا الله الواحد طوى السماء والأرض كطي السجل للكتاب، وقال: أنا الجبار؛ لمن الملك اليوم؟ ثلاث مرات فلا يجيبه أحد، ثم يقول لنفسه: لله الواحد القهار .

ويبدل الله الأرض غير الأرض والسموات، فيبسطها ويسطحها ويمدها مد الأديم لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة، فإذا هم في هذه المبدلة في مثل ما كانوا فيه من الأولى، فمن كان في بطنها كان في بطنها، ومن كان على ظهرها كان على ظهرها، ثم ينزل الله عليهم ماء من تحت العرش، ثم يأمر [ ص: 452 ] السماء أن تمطر فتمطر أربعين يوما حتى يكون الماء فوقهم اثني عشر ذراعا، ثم يأمر الله الأجساد أن تنبت كنبات الطراثيث أو كنبات البقل حتى إذا تكاملت أجسادهم وكانت لحما كما كانت. قال الله تعالى: ليحيى حملة عرش فيحيون ويأمر الله إسرافيل فيأخذ الصور فيضم على فيه، ثم يقول: ليحيى جبريل وميكائيل، ثم يدعو الله بالأرواح فيؤتى بها تتوهج أرواح المسلمين نورا والأخرى ظلمة فيقبضها جميعا، ثم يلقيها في الصور، ثم يأمر الله إسرافيل فينفخ نفخة البعث فتخرج الأرواح كأنها النحل قد ملأت ما بين السماء والأرض، فيقول الله: ليرجع كل روح إلى جسده، فتدخل الأرواح في الخياشيم، ثم تمشي في الأجساد مشي السم في اللديغ، ثم تنشق الأرض عنكم، وأنا أول من تنشق عنه الأرض
. الحديث بطوله في نحو ثلاثة أوراق. أخرجه هكذا بطوله عبد بن حميد، وعلي بن معبد في كتاب العصيان والطاعة، وابن جرير في تفسيره، والطبراني في الطوالات، وأبو يعلى في مسنده، وأبو الحسن القطان في الطوالات، وأبو الشيخ في العظمة، والبيهقي في البعث، ومداره على إسماعيل بن رافع، وهو قاص أهل المدينة وتكلم فيه بسبب هذا الحديث، وفي بعض سياقه نكارة، وقيل: إنه جمعه من طرق وأماكن متفرقة، وساقه سياقا واحدا، ورواه عنه الوليد بن مسلم وعبدة بن سليمان ومكي بن إبراهيم وآخرون .

واختلف عليه فيه، فقيل: عن محمد بن زياد، عن محمد بن كعب، عن رجل، عن أبي هريرة، ومنهم من أسقط الرجل، ومنهم من زاد رجلا من الأنصار بين ابن زياد وابن كعب غير الرجل المبهم، وقال أبو موسى المديني : هذا الحديث، وإن كان في إسناده من تكلم فيه؛ فالذي فيه يروى مفرقا في أسانيد ثابتة، والله أعلم .

وروى الفريابي وابن جرير وابن مردويه من حديث أنس : إذا قبض الله أرواح الخلائق قال لملك الموت: من بقي؟ وهو أعلم، فيقول: سبحانك ربي! بقي إسرافيل، فيقول: خذ نفس إسرافيل، فيقول: يا ملك الموت، من بقي؟ فيقول: سبحانك ربي! تباركت وتعاليت ذا الجلال والإكرام، بقي جبريل وميكائيل، فيقول: خذ نفس ميكائيل فيقع كالطود العظيم، فيقول: يا ملك الموت، من بقي؟ فيقول: سبحانك ربي! يا ذا الجلال والإكرام بقي جبريل، وهو من الله بالمكان الذي هو به، فيقول: يا جبريل لا بد من موتك فيقع ساجدا يخفق بجناحيه يقول: سبحانك ربي تباركت وتعاليت ذا الجلال والإكرام، أنت الباقي وجبريل الميت الفاني، فيأخذ روحه في الحلقة التي يخلق فيها. زاد ابن مردويه : ثم ينادي: أنا بدأت الخلق ثم أعيده؛ فأين الجبارون المتكبرون؟! فلا يجيبه أحد، ثم ينادي: لمن الملك اليوم؟! فلا يجيبه أحد، فيقول الله: لله الواحد القهار، ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون وفي المتفق عليه من حديث أبي هريرة : ينفخ في الصور، والصور كهيئة القرن، فصعق من في السموات والأرض وبين النفختين أربعون عاما، يمطر الله في تلك الأربعين مطرا فينبتون من الأرض كما ينبت البقل .

وروى ابن المبارك عن الحسن قال: بين النفختين أربعون سنة، الأولى يميت الله بها كل حي، والثانية يحيي الله بها كل ميت، روى أبو الشيخ في العظمة عن أبي بكر الهذلي قال: إن ملك الصور الذي وكل به إحدى قدميه لفي الأرض السابعة وهو جاث على ركبتيه شاخص بصره إلى إسرافيل، ما طرف منذ خلقه، ينظر متى يشير إليه فينفخ في الصور .

وروي أيضا عن وهب بن منبه قال: خلق الله الصور من لؤلؤة بيضاء في صفاء الزجاجة، ثم قال للعرش: خذ الصور. فتعلق به، ثم كن؛ فكان إسرافيل، فأمره أن يأخذ الصور فأخذه، وبه ثقب بعدد كل روح مخلوقة ونفس منفوسة وفي وسط الصور كوة كاستدارة السماء والأرض، وإسرافيل واضع فمه على تلك الكرة، ثم قال له الرب: قد وكلتك بالصور، فأنت للنفخة والصيحة، فلم يطرف منذ خلقه الله لينظر ما يؤمر به .

(وقال: -صلى الله عليه وسلم- حين بعث إلى بعث إلى صاحب الصور فأهوى به إلى فمه وقدم رجلا وأخر أخرى ينتظر متى يؤمر بالنفخ ألا فاتقوا النفخة) .

قال العراقي : لم أجده هكذا، بل قد ورد أن إسرافيل من حين ابتداء الخلق وهو كذلك، كما رواه البخاري في التاريخ وأبو الشيخ في كتاب العظمة من حديث أبي هريرة : أن الله تبارك وتعالى لما فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر، قال البخاري : ولم يصح، وفي رواية لأبي الشيخ : ما طرف صاحب الصور منذ وكل به مستعد ينظر نحو العرش ينظر نحو العرش مخافة أن يؤمر قبل أن يرتد إليه طرفه، كأن عينيه كوكبان دريان وإسنادها جيد. انتهى. [ ص: 453 ] قلت: بل رواه عبد بن حميد في تفسيره من حديث ابن عمر بلفظ: لما بعث إلي بعث إلى صاحب الصور فأخذه، فأهوى بيده إلى فيه، فقدم رجلا وأخر رجلا متى يؤمر فينفخ، فاتقوا النفخة.

وأما حديث: ما طرف صاحب الصور، إلخ، فرواه أيضا الحاكم وصححه وابن مردويه .

(فتفكر في الخلائق وذلهم وانكسارهم واستكانتهم عند الانبعاث خوفا من هذه الصعقة وانتظارا لما يقضى عليهم من سعادة أو شقاوة وأنت فيما بينهم) ومن جملتهم (منكسرا كانكسارهم متحيرا كتحيرهم، بل إن كنت في الدنيا من المترفهين والأغنياء المتنعمين؛ فملوك الأرض في ذلك اليوم هم أذل أهل الجمع وأصغرهم وأحقرهم يوطئون بالأقدام مثل الذر) يشير إلى ما رواه أحمد والترمذي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رفعه: يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان.. الحديث، وقد تقدم .

(وعند ذلك يقبل الوحوش من البراري والجبال منكسة رءوسها مختلطة بالخلائق بعد توحشها ذليلة ليوم النشور من غير خطيئة تدنست بها، ولكن حشرهم شدة الصعقة وهول النفخة، وشغلهم ذلك عن الهرب من الخلق والتوحش منهم، وذلك قوله تعالى: وإذا الوحوش حشرت ) قال البيضاوي: أي جمعت من كل جانب أو بعثت للقصاص، ثم ردت ترابا أو أميتت، من قولهم: إذا أجحفت السنة الناس حشرتهم، وقرئ بالتشديد. اهـ .

وقال أبي بن كعب : حشرت؛ أي: اختلطت، وذلك إذا وقعت الجبال على الأرض فتركت واضطربت؛ ففزعت الجن إلى الإنس والإنس إلى الجن، واختلطت الدواب والطير والوحش؛ فماجوا بعضهم في بعض.. رواه ابن أبي الدنيا في الأهوال وابن جرير وابن أبي حاتم، وقال الضحاك : حشرت؛ أي: ماتت، رواه عبد بن حميد، وروى عكرمة عن ابن عباس، قال: حشر إليها، ثم موتها، وحشر كل شيء الموت غير الجن والإنس فإنهما يوقفان يوم القيامة. رواه الحاكم وصححه، وقال الربيع بن خثيم : حشرت أي: أتى عليها أمر الله. رواه سعيد بن منصور، وقال قتادة : إن هذه الخلائق موافية يوم القيامة فيقضي الله فيها ما يشاء. رواه عبد ابن حميد.

(ثم أقبلت الشياطين المردة بعد تمردها وعتوها وأذعنت خاشعة من هيبة العرض على الله) روي للطبراني وغيره من حديث أبي هريرة الطويل المتقدم ذكره قريبا: وتطير الشياطين هاربة من الفزع حتى تأتي الأقطار فتتلقاها الملائكة فتضرب وجوهها فترجع .. الحديث. (تصديقا لقوله تعالى: فوربك لنحشرنهم والشياطين ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ) أي: قعودا على ركبهم. رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس .

وروى البيهقي في البعث من حديث عبد الله بن باباه: كأني أراكم بالكوم دون جهنم جاثين، وقيل: جثيا؛ أي: قياما. رواه ابن أبي حاتم عن السدي (فتفكر في حالك وحال قلبك هنالك) كيف يكون؟ إن كنت من المتيقظين .




الخدمات العلمية