الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
المرابطة الثانية المراقبة .

إذا أوصى الإنسان نفسه وشرط عليها ما ذكرناه فلا يبقى إلا المراقبة لها عند الخوض في الأعمال وملاحظاتها .

، بالعين الكالئة فإنها إن تركت طغت وفسدت .

ولنذكر فضيلة المراقبة ثم درجاتها .

أما الفضيلة : فقد سأل جبريل عليه السلام عن الإحسان فقال أن تعبد الله كأنك تراه وقال عليه السلام : " اعبد الله كأنك تراه ؛ فإن لم تكن تراه فإنه يراك " وقد قال تعالى : أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت وقال تعالى : ألم يعلم بأن الله يرى وقال الله تعالى : إن الله كان عليكم رقيبا وقال تعالى والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم بشهاداتهم قائمون وقال ابن المبارك لرجل راقب الله تعالى فسأله عن تفسيره فقال كن أبدا كأنك ترى الله عز وجل .

وقال عبد الواحد بن زيد إذا كان سيدي رقيبا علي فلا أبالي بغيره .

وقال أبو عثمان المغربي أفضل ما يلزم الإنسان نفسه في هذه الطريقة المحاسبة والمراقبة وسياسة عمله بالعلم وقال ابن عطاء أفضل الطاعات مراقبة الحق على دوام الأوقات وقال الجريري أمرنا هذا مبني على أصلين أن تلزم نفسك المراقبة لله عز وجل ويكون العلم على ظاهرك قائما وقال أبو عثمان قال لي أبو حفص إذا جلست للناس فكن واعظا لنفسك وقلبك ولا يغرنك اجتماعهم عليك فإنهم يراقبون ظاهرك والله رقيب على باطنك .

وحكى أنه كان لبعض المشايخ من هذه الطائفة تلميذ شاب وكان يكرمه ويقدمه فقال له بعض أصحابه كيف تكرم هذا وهو شاب ونحن شيوخ فدعا بعدة طيور وناول كل واحد منهم طائرا وسكينا وقال ليذبح كل واحد منكم طائره في موضع لا يراه أحد ودفع إلى الشاب مثل ذلك وقال له كما قال لهم فرجع كل واحد بطائره مذبوحا ورجع الشاب والطائر حي في يده فقال ما لك لم تذبح كما ذبح أصحابك فقال لم أجد موضعا لا يراني فيه أحد إذ الله مطلع علي في كل مكان فاستحسنوا منه هذه المراقبة وقالوا حق لك أن تكرم .

وحكي أن زليخا لما همت بيوسف عليه السلام قامت فغطت وجه صنم كان لها فقال يوسف مالك أتستحيين من مراقبة جماد ولا أستحيي من مراقبة الملك الجبار وحكي عن بعض الأحداث أنه راود جارية عن نفسها فقالت له ألا تستحيي فقال ممن أستحيي وما يرانا إلا الكواكب قالت فأين مكوكبها .

التالي السابق


المرابطة الثانية: المراقبة

وفيها مقام الحياء ولواحقه الرعاية والحرمة والأدب، اعلم أنه (إذا أوصى الإنسان نفسه وشرط عليها ما ذكرناه فلا يبقى ) بعد ذلك (إلا المراقبة بها عند الخوض في الأعمال، وملاحظتها بالعين الكالئة ) أي: الحافظة (فإنها إن تركت طغت وفسدت، ولنذكر فضيلة المراقبة ثم درجاتها .

أما الفضيلة: فقد سأل جبريل عليه السلام ) النبي صلى الله عليه وسلم (عن الإحسان فقال ) صلى الله عليه وسلم: (أن تعبد الله كأنك تراه ) ولما كانت المراقبة والإحسان لفظين متداخلين على معنى واحد استدل بما ورد في الإحسان على فضيلتها .

قال القشيري في الرسالة: أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن بن محمد بن إسحاق، حدثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق، حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم، حدثنا خالد بن يزيد، حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن جرير بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: "جاء جبريل -عليه السلام- إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- في صورة رجل، فقال: يا محمد، ما الإيمان؟ فقال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره، قال: صدقت، قال: فتعجبنا من تصديقه للنبي -صلى الله عليه وسلم- قال: فأخبرني ما الإسلام؟ فقال: أن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت، قال: صدقت، فأخبرني ما الإحسان؟ قال: الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال: صدقت" الحديث .

هذا الذي قاله صلى الله عليه وسلم: "فإن لم تكن تراه فإنه يراك" إشارة إلى حال المراقبة؛ لأن المراقبة علم العبد باطلاع الرب سبحانه عليه، واستدامته لهذا العلم مراقبة لربه، وهذا أصل كل خير، ولا يكاد يصل إلى هذه المرتبة إلا بعد فراغه عن المحاسبة، فإذا حاسب نفسه على ما سلف، وأصلح حاله في الوقت، ولازم طريق الحق، وأحسن بينه وبين الله مراعاة القلب، وحفظ مع الله الأنفاس، راقب الله في عموم أحواله، فيعلم أنه سبحانه عليه رقيب، ومن قلبه قريب، يعلم أحواله، ويرى أفعاله، ويسمع قوله. ومن تغافل عن هذه الجملة فهو بمعزل عن بداية الوصلة، فكيف عن حقائق القربة؟! اهـ .

قال العراقي: الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة ، ورواه مسلم من حديث عمر. انتهى .

قلت: قال البخاري في الصحيح: حدثنا مسدد، حدثنا إسماعيل بن إبراهيم، حدثنا أبو حيان التميمي، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوما بارزا للناس، فأتاه رجل فقال: ما الإيمان؟ قال: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وبلقائه [ ص: 95 ] ورسله، وتؤمن بالبعث. قال: ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة المفروضة، وتصوم رمضان، وذكر تتمة الحديث" وقد رواه مسلم أيضا من طرق .

وأما حديث عمر فقال أبو عبد الرحمن المقرئ: حدثنا عبد الله بن يزيد، حدثنا كهمس بن الحسن، عن عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن عبد الله بن عمر قال: حدثني عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "بينا نحن عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا نعرفه، حتى جلس إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأسند ركبته إلى ركبته، ووضع كفيه على فخذيه، ثم قال: يا محمد أخبرني عن الإسلام ما الإسلام؟ قال: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا، قال: صدقت، قال عمر -رضي الله عنه-: فعجبنا له يسأله ويصدقه، فقال: يا محمد أخبرني عن الإيمان، فقال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر كله خيره وشره، قال: صدقت" وذكر باقي الحديث بتمامه .

أخرجه مسلم بطوله عن زهير بن حرب، عن وكيع، عن عبيد الله بن معاذ، وعن أبيه، كلاهما عن كهمس بن الحسن به .

ورواه سليمان التيمي، عن يحيى بن يعمر بزيادة فيه .

قال أبو بكر محمد بن خزيمة في الصحيح: حدثنا يوسف بن واضح، حدثنا المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر قال: حدثني عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: "بينما نحن جلوس عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في أناس إذ جاء رجل عليه سحناء سفر، وليس من أهل البلد، يتخطى حتى درك، فجلس بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا محمد ما الإسلام؟ قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج البيت وتعتمر وتغتسل من الجنابة، وأن تتم الوضوء، وتصوم رمضان، قال: فإذا فعلت ذلك فأنا مسلم؟ قال: نعم، قال: صدقت" ثم ذكر الحديث بطوله .

وقد أخرجه ابن حبان في صحيحه عن ابن خزيمة.

ورواه مسلم عن حجاج بن الشاعر، عن يونس بن محمد، عن المعتمر بن سليمان به، لكنه لم يذكر متنه، بل أحاله بنحو ما قبله .

ورواه أيضا ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

رواه ابن السماك في جزئه من طريق سيار بن الحكم، عن شهر بن حوشب عنه، قال: "بينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قاعد في الناس إذ جاءه رجل يتخطى الناس حتى وضع يديه على ركبتي النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: ما الإسلام؟" فساقه، وفي آخره: "فانطلق الرجل حتى توارى، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- علي بالرجل، قال: فطلب فلم يوجد، فقال صلى الله عليه وسلم: هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم، ما أتاني في صورة إلا عرفته فيها غير مرتي هذه" وشهر بن حوشب مختلف فيه، والراجح قبوله، وقد استوفيت هذا الحديث في كتابي عقود الجواهر المنيفة، وذكرت اختلاف ألفاظه فراجعه .

(وقال صلى الله عليه وسلم: "اعبد الله كأنك تراه؛ فإن لم تكن تراه فإنه يراك" ) رواه أبو نعيم في الحلية من حديث زيد بن أرقم بزيادة: "واحسب نفسك مع الموتى، واتق دعوة المظلوم؛ فإنها مستجابة".

وروى الطبراني والبيهقي من حديث معاذ بن جبل: "اعبد الله ولا تشرك به شيئا، واعمل لله كأنك تراه، واعدد نفسك في الموتى" الحديث .

وأما لفظ: "الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك" فقد رواه أيضا أحمد وابن ماجه من حديث أبي هريرة ، ورواه النسائي عنه وعن أبي ذر معا، ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث عمر.

ويروى: "الإحسان أن تعمل لله كأنك تراه، فإن كنت لا تراه فإنه يراك، فإذا فعلت ذلك فقد أحسنت" رواه أحمد والبزار من حديث ابن عباس، ورواه ابن حبان من حديث ابن عمر ، ورواه أحمد أيضا من حديث أبي عامر، أو أبي مالك، ورواه البزار أيضا من حديث أنس، وابن عساكر من حديث عبد الرحمن بن غنم.

(وقد قال تعالى: أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت ) أي: رقيب، والخبر محذوف، تقديره: كمن ليس كذلك .

(وقال تعالى: ألم يعلم بأن الله يرى ) أي: يطلع على أحوال عبده من هداه وضلاله .

(وقال تعالى: إن الله كان عليكم رقيبا ) أي: مراقبا لأعمالكم .

(وقال تعالى ) في وصف المؤمنين: ( والذين هم لأماناتهم وعهدهم ) لما يؤتمنون عليه ويعاهدون من جهة الحق والخلق ( راعون ) قائمون بحفظها [ ص: 96 ] وإصلاحها وقال تعالى (والذين هم بشهاداتهم قائمون ) أي : محافظون .

(وقال ) عبد الله (بن المبارك ) رحمه الله تعالى (لرجل راقب الله تعالى فسأله عن تفسيره ) أي : ما معنى هذا القول (فقال كن أبدا كأنك ترى الله عز وجل ) أي : فإذا تحققت ذلك فقد راقبته .

(وقال عبد الواحد بن يزيد ) البصري رحمه الله تعالى (إذا كان سيدي رقيبا علي فلا أبالي بغيره ) يشير إلى قوله تعالى إن الله كان عليكم رقيبا .

(وقال أبو عثمان ) سعيد بن سلام المغربي رحمه الله تعالى (أفضل ما يلزم الإنسان به نفسه في هذه الطريقة ) العلية (المحاسبة والمراقبة وسياسة عمله بالعلم ) بأن يزن ما هو فيه بالعلم الشرعي هذا القول نقله القشيري سماعا عن أبي عبد الرحمن السلمي قال سمعت أبا عثمان المغربي يقول فذكره .

(وقال ابن عطاء ) هو أبو عبد الله أحمد بن عطاء الروذباري شيخ الشام في وقته مات بصور سنة 269 ولفظ القشيري وسئل ابن عطاء ما (أفضل الطاعات ) فقال (مراقبة الحق ) تعالى (على دوام الأوقات ) كما أشار إليه في الخبر السابق في الإحسان فأفضل العبادات رؤية المعبود في وقت العبادة فإنه أبعد من الزلل .

(وقال ) أبو محمد أحمد بن محمد بن الحسين الجريري بضم الجيم من أكابر أصحاب الجنيد وأقعد بعده مكانه مات سنة 211 (أمرنا هذا مبني على أصلين ) وفي نسخ الرسالة فصلين أحدهما (أن تلزم نفسك المراقبة لله عز وجل ) في حركاتك وسكناتك (و ) الثاني أن (يكون العلم على ظاهرك قائما ) بأن تكون حركاتك وسكناتك موزونة بالشرع نقله القشيري سماعا من محمد بن الحسين قال سمعت أبا الحسين الفارسي يقول سمعت الجريري يقول فذكره .

(وقال أبو عثمان ) الجيدي النيسابوري (قال لي أبو حفص ) عمرو بن مسلمة الجواد شيخ الجنيد (إذا جلست للناس ) أي : لوعظهم (فكن واعظا لنفسك وقلبك ) لينتفعوا بوعظك فإنه إذا صلحت نيتك في وعظ نفسك خرج الكلام من قلبك وله وقع في قلب السامع (ولا يغرنك اجتماعهم عليك ) أي : حولك (فإنهم يراقبون ظاهرك والله رقيب على باطنك ) نقله القشيري سماعا عن محمد بن الحسين قال سمعت عبد الله الرازي يقول سمعت أبا عثمان يقول قال لي أبو حفص فذكره إلا أنه قال والله رقيب على باطنك وفي نسخة والله يراقب باطنك (وحكى أنه كان لبعض المشايخ من هذه الطائفة تلميذ شاب ) وكان يخصه و (يكرمه ويقدمه ) على جماعته ويقبل عليه أكثر مما يقبل على غيره (فقال له بعض أصحابه كيف تكرم هذا وهو شاب ونحن شيوخ ) فما السبب فيه فقال أبين لكم ذلك (فدعا بعدة طيور وناول كل واحد منهم طائرا ) الأولى طيرا (وسكينا وقال ليذبح كل واحد منكم طائره في موضع لا يراه أحد ودفع إلى ) هذا (الشاب مثل ذلك وقال له كما قال لهم فرجع كل واحد بطائر مذبوحا ) لأنه لم ير بمكان الذبح أحدا من بني آدم (ورجع الشاب والطائر حي في يده فقال ) له (ما لك لم تذبح كما ذبح أصحابك فقال ) أمرتني أن أذبحه حيث لا يراه أحد وأنا (لم أجد موضعا لا يراني فيه أحد إذ الله مطلع علي في كل مكان فاستحسنوا منه هذه المراقبة ) وقال الشيخ لهذا أخصه بإقبالي عليه .

(وقالوا ) له (حق لك أن تكرم ) ويقبل عليك حكاه القشيري في الرسالة بمعناه وفيه دلالة على أن المراقبة لله تعالى أفضل المقامات وإن ارتفعت مقامات العابدين وقوي اجتهادهم فإنهم مشغولون بصلاح قلوبهم وأحوالهم والمراقب لله قد غلب على قلبه نظره إليه في سائر تصرفاته وكان الشيخ يعرف فضيلة هذا الشاب ورفعة مقامه عن بقية تلامذته فكان يقربه لذلك ويخصه بأسراره دونهم فلما بلغه تغيرهم لذلك عرفهم بما أكد رفعة مقامه عليهم ثم علمه بعدم إمكان ما أمر به شيخه يحتمل أن يكون خطر له وقت الأمر به لكنه اتبع أمر شيخه لإقامة الحجة على بقية التلامذة وأن يكون إنما خطر له ذلك بعد مضيه وتفتيشه (وحكي أن زليخا ) امرأة العزيز (لما خلت بيوسف عليه السلام قامت فغطت وجه صنم لها ) كانت تعبده (فقال ) لها (يوسف مالك أتستحيين من مراقبة جماد ولا أستحيي من مراقبة الملك الجبار ) ، رواه أبو الشيخ وأبو نعيم في الحلية عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين قال لما دخل يوسف عليه السلام عليها البيت وفي البيت [ ص: 97 ] صنم من ذهب قالت كما أنت حتى أغطي الصنم فأنا أستحيي منه فقال يوسف هذه تستحيي من الصنم فأنا أحق أن أستحيي من الله فكف عنها وتركها وروى أبو نعيم في الحلية عن علي رضي الله عنه في قوله ولقد همت به وهم بها قال طمعت فيه وطمع وكان فيها من الطمع إذ هم أن يحل التكة فقامت إلى صنم مكلل بالدر والياقوت في ناحية البيت فسترته بثوب أبيض بينها وبينه فقال أي شيء تصنعين فقالت أستحيي من إلهي أن يراني على هذه السوأة فقال يوسف تستحيي من صنم لا يأكل ولا يشرب وأنا لا أستحيي من إلهي الذي هو قائم على كل نفس بما كسبت ثم قال لا تنالينها مني أبدا وهو البرهان الذي رأى (وحكي عن بعض الأحداث أنه راود جارية عن نفسها فقالت له ألا تستحيي فقال ممن أستحيي وما يرانا إلا الكواكب قالت فأين مكوكبها ) أي : رب الكواكب رواه البيهقي في الشعب عن الأصمعي قال حدثني رجل من الأعراب قال خرجت ليلة فإذا أنا بجارية تستقي ماء فراودتها عن نفسها فقالت ويلك إن لم يكن لك زاجر من دين أما لك زاجر من كرم فقلت لها مالك لا يرانا إلا الكواكب قالت ويلك وأين مكوكبها .




الخدمات العلمية