الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                          صفحة جزء
                                                                          ( ومن أراد سفرا ) وبيده وديعة ( أو ) لم يرد سفرا ، بل ( خاف عليها عنده ) من نهب أو غرق ونحوهما ( ردها إلى مالكها أو ) إلى ( من يحفظ ماله ) أي : مال مالكها ( عادة ) كزوجته وعبده ( أو ) إلى ( وكيله ) أي : وكيل مالكها ( في قبضها إن كان ) ; لأن فيه تخلصا له من دركها وإيصالا للحق إلى مستحقه ، فإن دفعها إلى حاكم إذن ضمن لأنه لا ولاية له على رشيد حاضر . وعليه مؤنة ردها لتعديه ، ( ولا يسافر ) الوديع ( بها ) مع حضور مالكها أو من يحفظ ماله أو وكيله . بدون إذن ربها ( وإن لم يخف عليها ) في السفر ، ( أو كان ) السفر ( أحفظ لها ) فيضمن لتفريطه ; لأنه يفوت [ ص: 356 ] على مالكها إمكان استرجاعها ويخاطر بها . لحديث " { إن المسافر وماله لعلى فلت إلا ما وقى الله } أي : على هلاك هذا ما قواه في المغني قال في الإنصاف : وهو ظاهر كلامه في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمحرر والرعايتين والحاوي الصغير والوجيز الفائق وغيرهم . وهو الصواب . وقال ( المنقح ) في التنقيح بعد أن قدم معنى ما سبق : ( والمذهب بلى ) أي : له السفر بها ( والحالة هذه ) أي : إن لم يخف عليها في السفر أو كان أحفظ لها ( ونص عليه ) أي : على أن له السفر بها ( مع حضوره ) أي : مالكها ( انتهى ) ، فلا يضمنها إن تلفت معه ، سواء كان به ضرورة إلى السفر أو لا ; لأنه نقله إلى موضع مأمون كما لو نقلها في البلد . ومحله إن لم ينهه عنه كما في الفروع .

                                                                          وفي المبهج والموجز والغالب السلامة . وله ما أنفق بنية الرجوع قاله القاضي .

                                                                          وفي الفروع . ويتوجه كنظائره ( فإن لم يجده ) أي : يجد الوديع مالكها ، وقد أراد السفر ( ولا ) وجد ( وكيله ) قلت : ولا من يحفظ ماله عادة ( حملها معه ) على القولين ( إن كان ) السفر ( أحفظ ) لها ( ولم ينهه ) مالكها عنه ; لأنه موضع حاجة . فإن تلفت لم يضمنها ، فإن نهاه عنه مالكها لم يسافر بها ويضمن إن فعل إلا لعذر كجلاء أهل البلد أو هجوم عدو أو حرق أو غرق فلا ضمان . ويجب الضمان بالترك ( وإلا ) يكن السفر أحفظ ، ولو استويا أو نهاه المالك عنه ( دفعها لحاكم ) لقيامه مقام صاحبها عند غيبته ، ( فإن تعذر ) دفعها لحاكم ( فلثقة كمن ) أي : كمودع ( حضره الموت ) ; لأن كلا من السفر والموت سبب لخروج الوديعة عن يده .

                                                                          وروي { أنه صلى الله عليه وسلم كان عنده ودائع فلما أراد الهجرة أودعها عند أم أيمن وأمر عليا أن يردها إلى أهلها } ( أو دفنها وأعلم ) بها ( ساكنا ثقة ) لحصول الحفظ بذلك ، ( فإن لم يعلمه ) فضاعت ( ضمنها ) أي المودع لتفريطه ; لأنه قد يموت في سفره فلا تصل إلى صاحبها وربما نسي موضعها أو أصابتها آفة وكذا إن أعلم المودع بها غير ثقة لأنه ربما أخذها أو دل عليها أو أعلم بها غير ساكن في الدار لأنه لم يودعه إياها ولا يمكنه حفظها ( ولا يضمن مسافر أودع ) وديعة في سفره ( فسافر بها فتلفت بالسفر ) ; لأن إيداعه في هذه الحالة يقتضي الإذن في السفر بها

                                                                          التالي السابق


                                                                          الخدمات العلمية