الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وفي أثناء القراءة إذا مر بآية تسبيح سبح وكبر وإذا ، مر بآية دعاء واستغفار دعا واستغفر وإن مر بمرجو سأل وإن مر بمخوف استعاذ يفعل ، ذلك بلسانه ، أو بقلبه فيقول سبحان الله نعوذ بالله اللهم ارزقنا اللهم ارحمنا .

قال حذيفة صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فابتدأ سورة البقرة فكان لا يمر بآية رحمة إلا سأل ولا بآية عذاب إلا استعاذ ، ولا بآية ، تنزيه إلا سبح فإذا فرغ قال ما كان يقول صلوات الله وسلامه عند ختم القرآن : اللهم ارحمني بالقرآن ، واجعله لي إماما ونورا وهدى ورحمة ، اللهم ذكرني منه ما نسيت وعلمني منه ما جهلت ، وارزقني تلاوته آناء الليل وأطراف النهار ، واجعله لي حجة يا رب العالمين .

التالي السابق


(و) من الآداب (في أثناء القراءة إذا مر بآية تسبيح سبح وكبر، وإن مر بآية دعاء واستغفار دعا ) بما يليق بمقام الآية، واستغفر (وإن مر بآية تضرع وسؤال) تملق، و (تضرع وسأل وإن مر بآية تخويف استعاذ، ويفعل ذلك بلسانه، أو بقلبه) ، أو بهما، وهو الأفضل (فيقول) في محل التسبيح: (سبحان الله) وفي موضع التكبير: الله أكبر، وفي محل التعوذ: ( أعوذ بالله) ، وفي محل الدعاء: (اللهم ارزقنا اللهم ارحمنا) ، اللهم اغفر لنا، اللهم استرنا اللهم أجرنا ونحو ذلك .

(قال حذيفة) بن اليمان العبسي - رضي الله عنه - (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم) ذات ليلة (فابتدأ بسورة البقرة) فقرأها، ثم النساء فقرأها، ثم آل عمران فقرأها يقرأ مترسلا (فكان لا يمر بآية عذاب إلا استعاذ، ولا بآية رحمة إلا سأل، ولا بآية تنزيه إلا سبح) .

هكذا رواه مسلم في صحيحه مع اختلاف لفظ، ولفظه: كان إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ.

وروى أبو داود والترمذي والنسائي، عن عوف بن مالك - رضي الله عنه - قال: قمت مع النبي صلى الله عليه وسلم ليلة فقام فقرأ سورة البقرة لا يمر بآية رحمة إلا وقف وسأل ولا بآية عذاب إلا وقف وتعوذ.

وروى أحمد وأبو داود عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ سبح اسم ربك الأعلى قال: سبحان ربي الأعلى وعند أبي داود والترمذي في حديث من قرأ والتين والزيتون فانتهى إلى آخرها فليقل: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين، ومن قرأ لا أقسم بيوم القيامة فانتهى إلى آخرها أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى فليقل: بلى ومن قرأ والمرسلات فبلغ فبأي حديث بعده يؤمنون فليقل آمنا بالله.

وروى الترمذي والحاكم عن جابر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها فسكتوا، فقال: لقد قرأتها ليلة الجن على الجن فكانوا أحسن موردا منكم كنت كلما أتيت على قوله: فبأي آلاء ربكما تكذبان قالوا: ولا بشيء من نعمتك ربنا نكذب فلك الحمد .

وروى ابن أبي داود في كتاب الشريعة عن إبراهيم النخعي، عن علقمة قال: صليت إلى جنب عبد الله فافتتح سورة طه، فلما بلغ رب زدني علما قال: رب زدني علما رب زدني علما وروى ابن مردويه والديلمي وابن أبي الدنيا بسند ضعيف عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ وإذا سألك عبادي عني فإني قريب الآية، فقال: اللهم أمرت بالدعاء، وتكلفت بالإجابة لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك أشهد أنك فرد أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، وأشهد أن وعدك حق، ولقاءك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة آتية لا ريب فيها، وأنك تبعث من في القبور.

وروى أبو داود وغيره عن وائل بن حجر سمعت أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ ولا الضالين ، فقال: آمين، يمد بها صوته، ورواه الطبراني بلفظ: قال: آمين، ثلاث مرات، ورواه البيهقي بلفظ: قال: رب اغفر لي آمين ويروى عن معاذ بن جبل أنه كان إذا ختم البقرة قال: آمين، وعن ميسرة أن جبريل لقن رسول الله صلى الله عليه وسلم عند خاتمة البقرة آمين.

[ ص: 492 ] (وإذا فرغ) من قراءته (قال ما كان يقوله صلى الله عليه وسلم عند ختم القرآن: اللهم ارحمني بالقرآن العظيم، واجعله لي إماما ونورا وهدى ورحمة، اللهم ذكرني منه ما نسيت وعلمني منه ما جهلت، وارزقني تلاوته آناء الليل وآناء النهار، واجعله حجة لي يا رب العالمين) .

قال العراقي رواه أبو منصور المظفر بن الحسين الأرجاني في فضائل القرآن، وأبو بكر بن الضحاك في الشمائل كلاهما من طريق أبي ذر الهروي من رواية داود بن قيس معضلا



(تنبيه) .

ويستحب الدعاء عند ختم القرآن.

روى الطبراني عن أنس أنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله، ودعا، وروى ابن أبي داود عن الحكم بن عتيبة قال: أرسل إلي مجاهد وعنده ابن أبي لبابة، وناس يعرضون المصاحف، وقال: إنا أرسلنا إليك; لأنا أردنا أن نختم القرآن، والدعاء يستجاب عند ختم القرآن، وعن مجاهد قال: كانوا يجتمعون عند ختم القرآن، ويقول عنده تنزل الرحمة .

وروى الطبراني في المعجم الكبير عن العرباض بن سارية رفعه: من ختم القرآن فله دعوة مستجابة، وروى ابن الضريس عن ابن مسعود قال: من ختم القرآن فله دعوة مستجابة، وكان عبد الله إذا ختم جمع أهله ودعا وأمنوا على دعائه.

وروى الدارمي من طريق صالح المري عن قتادة قال: كان رجل يقرأ القرآن في مسجد المدينة فكان ابن عباس قد وضع الرصد فإذا كان يوم ختمه قام فتحول إليه، ويستحب التكبير من الضحى إلى آخر القرآن، وهي قراءة المكيين .

روى البيهقي في الشعب وابن خزيمة من طريق ابن أبي بزة سمعت عكرمة بن سليمان قال: قرأت على إسماعيل بن عبد الله المكي فلما بلغت الضحى، قال: كبر حتى تختم فإني قرأت على عبد الله بن كثير فأمرني بذلك، وقال: قرأت على مجاهد فأمرني بذلك، وأخبر مجاهد أنه قرأ على ابن عباس فأمره بذلك وأخبر ابن عباس أنه قرأ على أبي بن كعب فأمره بذلك، كذا أخرجه موقوفا، ثم أخرجه البيهقي من وجه آخر، عن ابن أبي بزة مرفوعا، وأخرجه من هذا الوجه أعني المرفوع الحاكم في مستدركه وصححه وله طرق كثيرة عن البزي، وقد أخرجت هذا الحديث في جزء سميته التحبير في المسلسل بالتكبير استوفيت فيه تلك الطرق، وفي النشر اختلف القراء في ابتدائه، هل هو من أول الضحى؟ أو من آخرها؟ وفي وصله من أولها، أو من آخرها وقطعه والخلاف فيه مشهور .

وكذا في لفظه فقيل: الله أكبر، وقيل: لا إله إلا الله، والله أكبر، وسواء في التكبير الصلاة، وخارجها صرح به السخاوي، وأبو شامة، وقال أبو العلاء الهمداني: وصفته أن يقف بعد كل سورة وقفة، ويقول: الله أكبر، وقال سليم الرازي: يكبر بين كل سورتين تكبيرة، ولا يصل آخر السورة بالتكبير، بل يفصل بينهما بسكتة، ومن لا يكبر من القراء حجتهم أن في ذلك ذريعة إلى الزيادة في القرآن بأن يداوم عليه فيتوهم أنه منه، ويسن إذا فرغ من الختمة أن يشرع في أخرى عقيب الختم لحديث الترمذي، وغيره عن ابن عباس: أحب الأعمال إلى الله تعالى الحال المرتحل الذي يضرب من أول القرآن إلى آخره، كلما حل ارتحل.

وروى الدارمي بسند حسن عن ابن عباس، عن أبي بن كعب رفعه كان إذا قرأ قل أعوذ برب الناس افتتح من الحمد لله، ثم قرأ من البقرة إلى المفلحون، ثم دعا بدعاء الختمة، ثم قام



(تنبيه) .

قال السيوطي في الإتقان منع الإمام أحمد تكرير سورة الإخلاص عند الختم لكن عمل الناس على خلافه، قال بعضهم: والحكمة فيه ما ورد أنها تعدل ثلث القرآن فتحصل بذلك ختمة إما التي قرأها، وإما التي حصل ثوابها بتكرير السورة، وحاصل ذلك يرجع إلى جبر ما لعله حصل في القراءة من خلل، وكما قاس الحليمي التكبير عند الختم على التكبير عند إكمال رمضان فينبغي أن يقاس تكرير سورة الإخلاص على إتباع رمضان بست من شوال، والله أعلم .




الخدمات العلمية