الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وشرط ) الموكل ( عدم تعلق الحقوق به ) أي بالوكيل ( لغو ) باطل جوهرة ( والملك يثبت للموكل ابتداء ) في الأصح ( فلا يعتق قريب الوكيل بشرائه ولا يفسد نكاح زوجته به و ) لكن ( هما ) ثابتان ( على الموكل لو اشترى وكيله قريب موكله وزوجته ) ; لأن الموجب للعتق والفساد الملك المستقر ( وفي كل عقد لا بد من إضافته إلى موكله ) يعني لا يستغني عن الإضافة إلى موكله ، حتى لو أضافه إلى نفسه لا يصح ابن كمال ( كنكاح وخلع وصلح عن دم عمد أو عن إنكار وعتق على مال وكتابة وهبة وتصدق وإعارة وإيداع ورهن وإقراض ) وشركة ومضاربة عيني ( تتعلق بموكله ) لا به لكونه فيها سفيرا محضا ، حتى لو أضافه لنفسه وقع النكاح له فكان كالرسول ( فلا مطالبة عليه ) في النكاح ( بمهر وتسليم ) للزوجة ( وللمشتري الإباء عن دفع الثمن للموكل وإن دفع ) له ( صح ولو مع نهي الوكيل ) استحسانا ( ولا يطالبه الوكيل ثانيا ) لعدم الفائدة ، نعم تقع المقاصة بدين الوكيل لو وحده ويضمنه لموكله [ ص: 515 ] بخلاف وكيل يتيم وصرف عيني ( ومثله ) أي مثل الوكيل عبد ( مأذون لا دين عليه مع مولاه ) فلا يملك قبض ديونه ، ولو قبض صح استحسانا ما لم يكن عليه دين ; لأنه للغرماء بزازية .

[ فرع ] التوكيل بالاستقراض باطل لا الرسالة درر ، والتوكيل بقبض القرض صحيح فتنبه .

التالي السابق


( قوله ; لأن الموجب إلخ ) هذا لا يناسب كلام المصنف ، بل هو جار على القول الثاني من أنه يثبت للوكيل ابتداء ثم ينتقل إلى الموكل ( قوله حتى لو أضافه إلى نفسه لا يصح ) أي لا يصح على الموكل فلا ينافي قوله الآتي حتى لو أضاف النكاح لنفسه وقع النكاح له كما ظن .

وفي البزازية الوكيل بالطلاق والعتاق إذا أخرج الكلام مخرج الرسالة بأن قال : إن فلانا أمرني أن أطلق أو أعتق ينفذ على الموكل ; لأن عهدتهما على الموكل على كل حال ، ولو أخرج الكلام في النكاح والطلاق مخرج الوكالة بأن أضافه إلى نفسه صح إلا في النكاح .

والفرق أنه في الطلاق أضافه إلى الموكل معنى ; لأنه بناء على ملك الرقبة وهي للموكل في الطلاق والعتاق ، فأما في النكاح فذمة الوكيل قابلة للمهر حتى لو كان بالنكاح من جانبها وأخرج مخرج الوكالة لا يصير مخالفا لإضافته إلى المرأة معنى فكأنه قال ملكتك بضع موكلتي ا هـ .

قال في البحر : فعلى هذا معنى الإضافة إلى الموكل مختلف ، ففي وكيل النكاح من قبل الزوج على وجه الشرط ، وفيما عداه على وجه الجواز فيجوز عدمه ا هـ .

وفي حاشية الفتال عن الأشباه : الوكيل بالإبراء إذا أبرأ ولم يضفه إلى موكله لم يصح كذا في الخزانة ا هـ .

أقول : وظاهر ما في البحر أنه لا تلزم الإضافة إلا في النكاح ، وهو مخالف لكلامهم فانظر ما في الدرر وتدبر ، وانظر ما علقناه على البحر وراجع أيمان شرح الوهبانية ( قوله أو عن إنكار ) هذا الصلح لا تصلح إضافته إلى الوكيل ، بخلاف الصلح عن إقرار فإنه تصح إضافته إلى كل منهما ، وقد عرفت اختلاف الإضافة في الموضعين فافترق الصلحان في الإضافة ابن كمال .

وفيه رد على صدر الشريعة حيث قال لا فرق فيهما ( قوله وهبة وتصدق ) انظر ما حقوق الهبة والصدقة المتعلقة بالموكل ( قوله سفيرا ) السفير الرسول والمصلح بين القوم صحاح كذا في الهامش فإنه يضيفهما إلى موكله فإنه يقول خالعك موكلي بكذا ، وكذا في أمثاله ابن ملك مجمع ( قوله بمهر ) أي إذا كان وكيل الزوج ( قوله وتسليم ) أي إذا كان وكيلها ( قوله للموكل ) لكونه أجنبيا عن الحقوق لرجوعهما إلى الوكيل أصالة ( قوله نعم تقع المقاصة ) فلو كان للمشتري على الموكل تقع المقاصة بمجرد العقد بوصول الحق إليه بطريق التقاص ، ولو كان له دين عليهما تقع المقاصة بدين الموكل دون دين الوكيل ، ولو كان له دين على الوكيل فقط وقعت المقاصة به ويضمن الوكيل للموكل ; لأنه قضى دينه بمال الموكل .

وقال أبو يوسف رضي الله عنه : لا تقع المقاصة بدين الوكيل ، بخلاف ما إذا باع مال اليتيم ودفع المشتري الثمن إلى اليتيم حيث لا تبرأ ذمته بل يجب عليه أن يدفع الثمن إلى الوصي ; لأن اليتيم ليس له قبض ماله أصلا فلا يكون له الأخذ من الدين [ ص: 515 ] فيكون الدفع إليه تضييعا فلا يعتد به ، وبخلاف الوكيل في الصرف إذا صارف وقبض الموكل بدل الصرف حيث يبطل الصرف ولا يعتد بقبضه ا هـ عيني كذا في الهامش ( قوله بخلاف ) متعلق بقوله وإن دفع له ح ، وقوله وكيل يتيم : أي وصيه ( قوله فلا يملك ) أي المولى ( قوله بقبض القرض ) بأن يقول الرجل أقرضني ثم يوكل رجلا يقبضه بحر عن القنية .

[ فرع ] التوكيل بالإقرار صحيح ولا يكون التوكيل به قبل الإقرار إقرارا من الموكل .

وعن الطواويسي : معناه أن يوكل بالخصومة ويقول خاصم فإذا رأيت لحوق مؤنة أو خوف عار علي فأقر بالمدعى يصح إقراره على الموكل كذا في البزازية ، وللشافعية فيها قولان : أصحهما لا يصح ، وقدم الشيخ يعني صاحب البحر في كتاب الشركة في الكلام على الشركة الفاسدة أنه لا يصح التوكيل في المباح وأنه باطل رملي على البحر ، والفرع سيأتي متنا في باب الوكالة بالخصومة ، والله أعلم .




الخدمات العلمية