الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ولو هلك المبيع ) أو استهلكه في المرابحة ( قبل رده أو حدث به ما يمنع منه ) من الرد ( لزمه بجميع الثمن ) المسمى ( وسقط خياره ) [ ص: 138 ] وقدمنا أنه لو وجد المولى بالمبيع عيبا ثم حدث آخر لم يرجع بالنقصان ( شراه ثانيا ) بجنس الثمن الأول ( بعد بيعه بربح فإن رابح طرح ما ربح ) قبل ذلك ( وإن استغرق ) الربح ( ثمنه لم يرابح ) خلافا لهما وهو أرفق وقوله أوثق بحر ، ولو بين ذلك أو باع بغير الجنس أو تخلل ثالث جاز اتفاقا فتح .

التالي السابق


( قوله : ولو هلك المبيع إلخ ) لم أر ما لو هلك بعضه ، هل يمتنع رد الباقي ؟ مقتضى قوله أو حدث به ما يمنع من الرد أن له الرد كما لو أكل بعض المثلي أو باعه ، ثم ظهر له فيه عيب أو اشترى عبدين أو ثوبين فباع أحدهما ثم رأى في الباقي عيبا له رد ما بقي بخلاف الثوب الواحد كما مر في خيار العيب تأمل . ( قوله : لزمه جميع الثمن ) في الروايات الظاهرة ; لأنه مجرد خيار لا يقابله شيء من الثمن ، كخيار الرؤية والشرط ، وفيهما يلزمه تمام الثمن قبل الفسخ ، فكذا هنا وهو المشهور من قول محمد ، بخلاف خيار العيب ; لأن المستحق فيه جزء فائت يطالب به ، فيسقط ما يقابله إذا عجز عن تسليمه ، وتمامه في الفتح ، وانظر ما سيذكره الشارح عن أبي جعفر . [ ص: 138 ] مطلب خيار الخيانة في المرابحة لا يورث [ تنبيه ]

قال في البحر : وظاهر كلامهم أن خيار ظهور الخيانة لا يورث ، فإذا مات المشتري فاطلع الوارث على خيانة بالطريق السابق فلا خيار له . ( قوله : وقدمنا ) أي في أوائل خيار العيب . ( قوله : لو وجد المولى ) بتشديد اللام المفتوحة اسم مفعول من التولية . ( قوله : لم يرجع بالنقصان ) لأنه بالرجوع يصير الثاني أنقص من الأول ، وقضية التولية أن يكون مثل الأول بحر . ( قوله : شراه ثانيا إلخ ) صورته : اشترى بعشرة وباعه مرابحة بخمسة عشر ، ثم اشتراه بعشرة فإنه يبيعه مرابحة بخمسة ويقول قام علي بخمسة . ( قوله : بجنس الثمن الأول ) يأتي محترزه . ( قوله : فإن رابح إلخ ) ظاهر دليل الإمام يقتضي أنه لا فرق بين بيعه مرابحة أو تولية ، والمتون كلها مقيدة بالمرابحة ، وظاهرها جواز التولية على الثمن الأخير والظاهر الأول كما لا يخفى بحر وبه جزم في النهر . ( قوله : وإن استغرق الربح ثمنه ) كما لو اشتراه بعشرة وباعه بعشرين مرابحة ، ثم اشتراه بعشرة لا يبيعه مرابحة أصلا وعندهما يرابح على عشرة في الفصلين بحر أي في الاستغراق وعدمه . ( قوله : لم يرابح ) لأن شبهة حصول الربح بالعقد الثاني ثابتة ; لأنه أي الربح يتأكد به بعدما كان على شرف السقوط بالظهور على عيب ، فيرده فيزول الربح عنه والشبهة كالحقيقة في بيع المرابحة احتياطا وقيد بقوله لم يرابح ; لأن له أن يبيعه مساومة نهر . ( قوله : بحر ) أي عن المحيط ، ومعنى كون قول الإمام أوثق أي أحوط لما علمت من أن الشبهة كالحقيقة هنا للتحرز عن الخيانة . ( قوله : ولو بين ذلك ) بأن يقول كنت بعته فربحت فيه عشرة ، ثم اشتريته بعشرة ، وأنا أبيعه بربح كذا على العشرة نهر . ( قوله : أو باع بغير الجنس ) بأن باعه بوصيف أي غلام أو بدابة أو عرض آخر ، ثم اشتراه بعشرة كان له أن يبيعه مرابحة على عشرة ; لأنه عاد إليه بما ليس من جنس الثمن الأول ، ولا يمكن طرحه إلا باعتبار القيمة ، ولا مدخل لها في المرابحة ; ولذا قلنا : لو اشترى أشياء صفقة واحدة بثمن واحد ، ليس له أن يبيع بعضها مرابحة على حصته من الثمن كذا في الفتح وأراد بالأشياء القيميات ، وتمامه في النهر وقد مر . ( قوله : أو تخلل ثالث ) بأن اشترى من مشتري مشتريه ; لأن التأكيد حصل بغيره درر . [ تنبيه ]

علم من التقييد بالشراء أنه لو وهب له ثوب ، فباعه بعشرة ، ثم اشتراه بعشرة يرابح على العشرة ، ومن التقييد بالبيع بربح أنه لو أجر المبيع ولم يدخله نقص يرابح بلا بيان ; لأن الأجرة ليست من نفس المبيع ، ولا من أجزائه فلم يكن حابسا لشيء منه أي بخلاف ما لو نال من صوفه أو سمنه كما قدمناه وأنه لو حط عنه بائعه كل الثمن يرابح على ما اشترى بخلاف ما لو حط البعض لالتحاقه بالعقد دون حط الكل ، لئلا يكون بيعا بلا ثمن ، فصار تمليكا مبتدأ كالهبة وسيأتي أن الزيادة تلتحق فيرابح على الأصل والزيادة ، وفي المحيط : شراه ثم خرج عن ملكه ، ثم عاد إن عاد قديم ملكه كرجوع في هبة ، أو بخيار شرط ، أو رؤية أو عيب ، أو إقالة يرابح بما اشترى لانفساخ العقد ، كأن لم يكن لا إن عاد بسبب جديد كهبة وإرث وتمامه في البحر .




الخدمات العلمية