الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 54 ] ( وما في حكمه ) أي حكم ما ليس بمال ( كأم الولد والمكاتب والمدبر المطلق ) فإن بيع هؤلاء باطل : أي بقاء ، فلم يملكوا بالقبض لابتداء فصح بيعهم من أنفسهم وبيع قن ضم إليهم درر ، [ ص: 55 ] وقول ابن الكمال بيع هؤلاء باطل موقوف ، ضعفه في البحر بأن المرجح اشتراط رضا المكاتب قبل البيع وعدم نفاذ القضاء ببيع أم الولد وصحح في الفتح نفاذه . قلت : الأوجه توقفه على قضاء آخر إمضاء أو ردا عيني ونهر ، فليكن التوفيق . وفي السراج : ولد هؤلاء كهم ، وبيع مبعض كحر .

التالي السابق


( قوله فإن بيع هؤلاء باطل ) كذا في الهداية . وأورد أنه لو كان باطلا لسرى البطلان إلى ما ضم إليهم كالمضموم إلى الحر ، وسيأتي أنه لا يسري . وقال بعضهم فاسد ، وأورد أنه يلزم أن يملكوا بالقبض مع أنهم لم يملكوا به اتفاقا ، وأجيب عنهما بادعاء التخصيص ، وهو أن من الباطل ما لا يسري حكمه إلى المضموم لضعفه ومن الفاسد ما لا يملك بالقبض . وذكر في الفتح أن الحق أنه باطل ولا تخصيص لجواز تخلف بعض الأفراد الخصوصية . قلت : وما ذكره الشارح يصلح بيانا للخصوصية ، وذلك أن بيع الحر باطل ابتداء وبقاء لعدم محليته للبيع [ ص: 55 ] أصلا بثبوت حقيقة الحرية ، وبيع هؤلاء باطل بقاء لحق الحرية فلذا لم يملكوا بالقبض ، لا ابتداء لعدم حقيقتها فلذا جاز بيعهم من أنفسهم ، ولا يلزم بطلان بيع قن ضم إليهم ; لأنهم دخلوا في البيع ابتداء لكونهم محلا له في الجملة ثم خرجوا منه بتعلق حقهم ، فيبقى القن بحصته من الثمن ، وتمامه في الدرر ( قوله وقول ابن الكمال ) عبارته : البيع في هؤلاء باطل موقوف ينقلب جائزا بالرضا في المكاتب وبالقضاء في الآخرين لقيام المالية ا هـ . ( قوله قبل البيع ) وتنفسخ الكتابة في ضمنه ; لأن اللزوم كان لحقه وقد رضي بإسقاطه ، أما إذا باعه بغير رضاه فأجازه لم يجز رواية واحدة ; لأن إجازته لم تتضمن فسخ الكتابة قبل العقد كذا في السراج وفي الخانية لو بيع بغير رضاه فأجاز بيع مولاه لم ينفذ في الصحيح من الرواية وعليه عامة المشايخ نهر . قلت : لكن ذكر في الهداية آخر الباب فيما لو جمع بين عبد ومدبر ، وتبعه في البحر والفتح أن البيع في هؤلاء موقوف وقد دخلوا تحت العقد لقيام المالية : ولهذا ينفذ في المكاتب برضاه في الأصح ، وفي المدبر بقضاء القاضي وكذا في أم الولد عند أبي حنيفة وأبي يوسف ا هـ ، فقوله موقوف مخالف لقوله هنا باطل ، وقوله ينفذ في المكاتب برضاه في الأصح مخالف للمذكور عن السراج والخانية ، وبهذا يتأيد ما ذكره ابن الكمال . وقد يجاب بأن قوله ينفذ في المكاتب برضاه في الأصح أي رضاه وقت البيع فيكون موقوفا في الابتداء على رضاه فلو لم يرض كان باطلا ، وبهذا تنتفي المخالفة بين كلاميه ، لكن هذا الجواب لا يتأتى في عبارة ابن الكمال فتأمل .

( قوله قلت الأوجه إلخ ) أي إذا قضى بنفاذ بيع أم الولد قاض يراه لا ينفذ فإذا رفع إلى قاض آخر فأمضاه نفذ الأول وإن رده ارتد وقدمنا تحقيق ذلك في باب الاستيلاد ( قوله فليكن التوفيق ) بحمل ما في البحر على ما قبل الإمضاء ، وما في الفتح على ما بعده ( قوله ولد هؤلاء كهم ) أي ولد أم الولد من غير سيدها ، بأن زوجها فولدت بعد ما ولدت من سيدها وكذا ولد المدبر أو المكاتب المولود بعد التدبير والكتابة ، وقوله كهم : أي في حكمهم ، وفيه إدخال الكاف على الضمير وهو قليل ( قوله وبيع مبعض ) أي معتق البعض كبيع الحر .




الخدمات العلمية