الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ثم ذكر ضابط الموكل فيه فقال [ ص: 512 ] ( بكل ما يباشره ) الموكل ( بنفسه ) لنفسه فشمل الخصومة فلذا قال ( فصح بخصومة في حقوق العباد برضا الخصم )

وجوزاه بلا رضاه ، وبه قالت الثلاثة ، وعليه فتوى أبي الليث وغيره ، واختاره العتابي .

وصححه في النهاية ، والمختار للفتوى تفويضه للحاكم درر ( إلا أن يكون ) الموكل ( مريضا ) لا يمكنه حضور مجلس الحكم بقدميه ابن كمال ( أو غائبا مدة سفر أو مريدا له ) ويكفي قوله أنا أريد السفر ابن كمال ( أو مخدرة ) لم تخالط الرجال كما مر ( أو حائضا ) أو نفساء ( والحاكم بالمسجد ) إذا لم يرض الطالب بالتأخير بحر ( أو محبوسا من غير حاكم ) هذه ( الخصومة ) فلو منه فليس بعذر بزازية بحثا ( أو لا يحسن الدعوى ) خانية ( لا ) يكون من الأعذار ( إن كان ) الموكل ( شريفا خاصم من دونه ) بل الشريف وغيره سواء بحر [ ص: 513 ] ( وله الرجوع عن الرضا قبل سماع الحاكم الدعوى ) لا بعده قنية ( ولو اختلفا في كونها مخدرة إن من بنات الأشراف فالقول لها مطلقا ) ولو ثيبا فيرسل أمينه ليحلفها مع شاهدين بحر وأقره المصنف ( وإن من الأوساط فالقول لها لو بكرا ، وإن ) هي ( من الأسافل فلا في الوجهين ) عملا بالظاهر بزازية .

التالي السابق


( قوله ثم ذكر ضابط الموكل فيه ) أي ما ذكره المصنف ضابط لا حد فلا يرد عليه أن المسلم لا يملك بيع الخمر ويملك توكيل الذمي به ; لأن إبطال القواعد بإبطال الطرد لا العكس ، ولا يبطل طرده عدم توكيل الذمي مسلما ببيع خمره ، وهو يملكه [ ص: 512 ] لأنه يملك التوصل به بتوكيل الذمي به فصدق الضابط ; لأنه لم يقل : كل عقد يملكه يملك توكيل كل أحد به بل التوصل به في الجملة ، وتمامه في البحر ( قوله بكل ) متعلق بقول الماتن أول الباب : التوكيل صحيح لنفسه أخرج الوكيل فإنه لا يوكل مع أنه يباشر بنفسه ( قوله فشمل الخصومة ) تفريع على قوله بكل ما يباشره ، وهو أولى من قول الكنز بكل ما يعقد لشموله العقد وغيره كما في البحر : أي كالخصومة والقبض ( قوله فصح بخصومة ) شمل بعضا معينا وجميعها كما في البحر : وفيه عن منية المفتي ، ولو وكله في الخصومة له لا عليه ، فله إثبات ما للموكل فلو أراد المدعى عليه الدفع لم يسمع .

قال : فالحاصل أنها تتخصص بتخصيص الموكل وتعمم بتعميمه .

وفي البزازية : ولو وكله بكل حق هو له وبخصومته في كل حق له ولم يعين المخاصم به والمخاصم فيه جاز ا هـ وتمامه فيه ( قوله برضا الخصم ) شمل الطالب والمطلوب بحر ( قوله وجوزاه إلخ ) قال في الهداية : لا خلاف في الجواز إنما الخلاف في اللزوم ، يعني هل ترتد الوكالة برد الخصم عند أبي حنيفة نعم وعندهما لا ويجبر جوهرة ( قوله وعليه فتوى أبي الليث ) أفتى الرملي بقول الإمام الذي عليه المتون واختاره غير واحد ( قوله تفويضه للحاكم ) بحث فيه في البزازية ، فانظر ما في البحر .

وفي الزيلعي : أي أن القاضي إذا علم من الخصم التعنت في الإباء عن قبول التوكيل لا يمكنه من ذلك ، وإن علم من الموكل قصد الإضرار لخصمه لا يقبل منه التوكيل إلا برضا ا هـ ( قوله لا يمكنه حضور مجلس الحكم ) وإن قدر على الحضور على ظهر الدابة أو ظهر إنسان ، فإن ازداد مرضه بذلك لزم توكيله ، فإن لم يزد قيل على الخلاف والصحيح لزومه كذا في البزازية بحر .

( قوله ويكفي قوله أنا أريد السفر ) قال في البحر ، وفي المحيط : وإرادة السفر أمر باطني فلا بد من دليلها ، وهو إما تصديق الخصم بها أو القرينة الظاهرة ، ولا يقبل قوله إني أريد السفر لكن القاضي ينظر في حاله وفي عدته فإنه لا تخفى هيئة من يسافر ، كذا ذكره الشارح .

وفي البزازية : وإن قال : أخرج بالقافلة الفلانية سألهم عنه كما في فسخ الإجارة .

وفي خزانة المفتين : وإن كذبه الخصم في إرادته السفر يحلفه القاضي بالله إنك تريد السفر ا هـ ( قوله إذا لم يرض الطالب ) قال في الجوهرة : إن كانت هي طالبة قبل منها التوكيل بغير رضا الخصم ، وإن كانت مطلوبة إن أخرها الطالب حتى يخرج القاضي من المسجد لا يقبل منها التوكيل بغير رضا الخصم الطالب ; لأنه لا عذر لها إلى التوكيل ا هـ ( قوله بزازية بحثا ) عبارتها وكونه محبوسا من الأعذار يلزمه توكيله ، فعلى هذا لو كان الشاهد محبوسا له أن يشهد على شهادته .

قال القاضي : إن في سجن القاضي لا يكون عذرا ; لأنه يخرجه حتى يشهد ثم يعيده ، وعلى هذا يمكن أن يقال في الدعوى أيضا كذلك بأن يجيب عن الدعوى ثم يعاد ا هـ .

قلت : ولا يخفى أنه مفهوم عبارة المصنف وهي ليست من عنده بل واقعة في كلام غيره والمفاهيم حجة ، بل صرح به في الفتح حيث قال : ولو كان الموكل محبوسا فعلى وجهين : إن كان في حبس هذا القاضي لا يقبل [ ص: 513 ] التوكيل بلا رضاه ; لأن القاضي يخرجه من السجن ليخاصم ثم يعيده ، وإن كان في حبس الوالي ولا يمكنه الوالي من الخروج للخصومة يقبل منه التوكيل ا هـ . ( قوله وله ) أي المدعى عليه ( قوله فيرسل أمينه ) أي القاضي ( قوله فالقول لها ) أي إذا وجب عليها يمين ( قوله في الوجهين ) أي فيما إذا كانت بكرا أو ثيبا .




الخدمات العلمية