الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 444 - 445 ] ( زائغة مستطيلة ) أي سكة طويلة ( يتشعب عنها ) سكة ( مثلها ) لكن ( غير نافذة ) إلى محل آخر ( يمنع أهل الأولى عن فتح باب ) للمرور لا للاستضاءة والريح عيني - [ ص: 446 ] ( في القصوى ) الغير النافذة على الصحيح إذ لا حق لهم في المرور بخلاف النافذة ( وفي زائغة مستديرة لزق ) أي اتصل ( طرفاها ) أي نهاية سعة اعوجاجها بالمستطيلة ( لا ) يمنع لأنها كساحة مشتركة في دار بخلاف ما لو كانت مربعة فإنها كسكة في سكة ولذا يمكنهم نصب البوابة ابن كمال بهذه الصورة .

التالي السابق


( قوله زائغة مستطيلة ) وفي التهذيب : الزائغة الطريق الذي حاد عن الطريق الأعظم ا هـ من زاغت الشمس إذا مالت والمستطيلة الطويلة من استطال بمعنى طال أفاد في البحر .

( قوله مثلها ) أي طويلة احترازا عن المستديرة كما يأتي .

( قوله لكن غير نافذة ) أفاد أن الأولى نافذة وقد قال في البحر أطلقها أي الأولى تبعا لأكثر الكتب ، وقيدها في النهاية تبعا للفقيه أبي الليث والتمرتاشي بغير النافذة ويمكن حمل كلامه عليه لقوله مثلها غير نافذة ا هـ أي بناء على أن غير نافذة بيان لوجه المماثلة ، وفيه نظر بل المتبادر أن المماثلة في الطول وغير نافذة حال لبيان قيد زائد فيها على الأولى ، وإلا لزم أن لا تكون الثانية مقيدة بكونها طويلة ، فيشمل المستديرة ، وهو غير صحيح واستظهر الخير الرملي إطلاق الأولى إذ لا عبرة بكونها نافذة أو غير نافذة لامتناع مرور أهلها في الثانية مطلقا بخلاف المتشعبة كما يأتي . قلت : لكن في بعض الصور يظهر الفرق في الأولى بين النافذة وغيرها كما تعرفه .

( قوله إلى محل آخر ) متعلق بنافذة والمراد به الطريق العام أو ما يتوصل منه إليه احترازا عن النافذة إلى سكة أخرى غير نافذة .

مطلب في فتح باب آخر للدار

( قوله عن فتح باب للمرور ) قال في فتح القدير قال بعض المشايخ لا يمنع من فتح الباب بل من المرور لأن له رفع كل جداره فكذا له رفع بعضه والأصح أنه يمنع من الفتح لأنه منصوص عليه في الرواية بنص محمد في الجامع ولأن المنع بعد الفتح لا يمكن إذ تمكن مراقبته ليلا ونهارا في الخروج ليخرج ولأنه عساه يدعي بعد تركيب الباب وطول الزمان حقا في المرور ويستدل عليه بتركيب الباب ا هـ .

( قوله لا للاستضاءة والريح ) قال العيني بعد حكاية القولين المذكورين ولكن هذا فيما إذا أراد بفتح الباب المرور فإنه يمنع استحسانا وإذا أراد به الاستضاءة والريح دون المرور لم يمنع من ذلك كذا نقله فخر الإسلام عن الفقيه أبي جعفر ا هـ [ ص: 446 ] قلت : هذا إذا كان الباب عاليا لا يصلح للمرور كما يدل عليه التعليل المار وإلا كان قول بعض المشايخ بعينه وهو خلاف الأصح فعلم أن المراد غيره وهو مسألة الطاقة الآتية فافهم .

( قوله في القصوى ) أي البعدى وهي المتشعبة من الأولى الغير النافذة أما النافذة فلا منع من الفتح فيها لأن لكل أحد حق المرور فيها .

( قوله على الصحيح ) مقابله ما قدمناه آنفا من القول بأنه لا يمنع من الفتح بل من المرور .

( قوله إذ لا حق لهم في المرور ) أي لا حق لأهل الزائغة الأولى في المرور في الزائغة القصوى ، بل هو لأهلها على الخصوص ، ولذا لو بيعت دار في القصوى لم يكن لأهل الأولى شفعة فيها كذا في الفتح : أي لا شفعة لهم بحق الشركة في الطريق إذ لو كان جارا ملاصقا كان له الشفعة شرنبلالية ثم قال في الفتح بخلاف أهل القصوى ، فإن لأحدهم أن يفتح بابا في الأولى لأن له حق المرور فيها ا هـ .

قال العلامة المقدسي : هذا إذا فتح في جانب يدخل منه إليها ، أما في الجانب الآخر غير النافذ فلا ا هـ وفيه فائدة حسنة يفيدها التعليل أيضا ، وهي أن الزائغة الأولى إذا كانت غير نافذة وأراد واحد من أهل القصوى فتح باب في الأولى له ذلك إن كانت داره متصلة بركن الأولى ، وكانت من جانب الدخول إلى القصوى أما لو كانت من الجانب الثاني فلا ، إذ لا حق له في المرور في الجانب الثاني ، بخلاف ما إذا كانت الأولى نافذة فإن له المرور من الجانبين ، فيكون له فتح الباب من الجانب الثاني أيضا ، وبه يظهر الفرق بين كون الأولى نافذة أو لا خلافا لما مر عن الرملي ، والظاهر أن كلام الفتح مبني على كون الأولى نافذة وإن حمل على أنها غير نافذة يدعى تخصيصه بغير الصورة المذكورة .

[ تنبيه ] يعلم مما هنا أنه لو أراد فتح باب أسفل من بابه والسكة غير نافذة يمنع منه وقيل لا وفي كل من القولين اختلاف التصحيح والفتوى قال في الخيرية والمتون على المنع فليكن المعول عليه .

( قوله وفي زائغة مستديرة ) محترز قوله يتشعب عنها مثلها ، فإن المراد بها الطويلة ويقابلها المستديرة وفي حاشية الواني على الدرر هذا إذا كانت أي المستديرة مثل نصف دائرة أو أقل ، حتى لو كانت أكثر من ذلك لا يفتح فيها الباب والفرق أن الأولى تصير ساحة مشتركة بخلاف الثانية فإنه إذا كان داخلها أوسع من مدخلها يصير موضعا آخر غير تابع للأول كذا قيل ا هـ وقائله صدر الشريعة ومنلا مسكين ورده ابن كمال .

( قوله لأنها كساحة إلخ ) قال في الفتح : لأن لكل حق المرور إذ هي ساحة مشتركة غاية الأمر أن فيها اعوجاجا ولهذا يشتركون في الشفعة إذا بيعت دار منها ا هـ .

( قوله ولذا يمكنهم نصب البوابة ) لم أر فيما عندي من كتب اللغة لفظ البوابة وهي في عرف الناس اليوم اسم الباب الكبير الذي ينصب في رأس السكة أو المحلة مثلا وعبارة ابن كمال عن الحلواني ولذا يمكنهم نصب الدرب ، وفي القاموس ، الدرب باب السكة الواسع والباب الأكبر جمعه دراب .

( قوله بهذه الصورة ) اختلفت النسخ في كيفية رقمها ولنصورها بصورة جامعة للمستطيلة المتشعب عنها مستطيلة مثلها نافذة وغير نافذة ومستديرة ومربعة هكذا : [ ص: 447 ] فالدار الثالثة التي في ركن المتشعبة الغير النافذة لو كان بابها في الطويلة يمنع صاحبها عن فتح الباب في المتشعبة الغير النافذة لأنه ليس له حق المرور فيها ولو كان بابها في المتشعبة لا يمنع من فتح باب في الأولى الطويلة وأما الدار الرابعة التي في الركن الثاني لو كان بابها في الطويلة يمنع من فتحه في المتشعبة المذكورة ، وكذا لو كان في المتشعبة يمنع من فتحه في الطويلة لأنه ليس له حق المرور في ذلك الجانب لكن هذا إذا كانت الطويلة غير نافذة بخلاف النافذة لأن له حق المرور حينئذ من الجانبين كما قلنا فيما مر . وأما الدار الخامسة التي في الركن الأول من المتشعبة الثانية النافذة فلصاحبها فتح باب فيها وفي الطويلة بخلاف الدار السادسة التي في الركن الثاني من المتشعبة المذكورة فإنه لو كان بابه فيها يمنع من الفتح في الطويلة لو غير نافذة لا لو نافذة لما علمت .

مطلب اقتسموا دارا وأراد كل منهم فتح باب لهم ذلك .

[ تتمة ] في منية المفتي من كتاب القسمة دار في سكة غير نافذة بين جماعة اقتسموها وأراد كل منهم فتح باب وحده ليس لأهل السكة منعهم .

قلت : ينبغي تقييده بما إذا أرادوا فتح الأبواب فيما قبل الباب القديم لا فيما بعده كما قدمناه آنفا عن الخيرية من التعويل على ما في المتون نعم على القول الثاني المصحح أيضا لا تفصيل ثم قال في المنية دار لرجل بابها في سكة غير نافذة فاشترى بجنبها دارا بابها في سكة أخرى له فتح باب لها في داره الأولى لا في السكة الأولى وبه أفتى أبو جعفر وأبو الليث وقال أبو نصير له ذلك لأن أهل السكة شركاء فيها بدليل ثبوت حق الشفعة للكل ا هـ ملخصا .

قلت : الظاهر أنه مبني على الخلاف السابق والله تعالى أعلم .




الخدمات العلمية